ولفظ:"إلاّ" هنا بمعنى (لكن) وهو ما يسمى في عرف النحاة بالاستثناء المنقطع، والمعنى: لكن من ظلم نفسه بارتكاب عمل سئ، ثم بدل فأَتى بعمل حسن بعد عمله السئ تائبًا إِلى ربه، فلا يخاف، فإِنى عظيم الغفران واسع الرحمة.
وهذه الرحمة بالتائبين مقررة في آيات كثيرة من القرآن كقوله تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾ (١)، وقوله: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ (٢) وقوله: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا﴾ (٣).
بينت الآية السابقة أن الله - تعالى - أَرى موسى كيف يحول العصا الخشبية إِلى حية تسعى، وجاءَت هذه الآية لتبين معجزة أُخرى ودليلًا باهرًا على قدرة الله - تعالى - وأَنها مع سابقتها يؤيده الله بهما في رسالته إِلى فرعون وقومه في ضمن تسع آيات تشهد برسالته، وتقوم بها حجة الله عليهم إِن لم يستجيبوا له، إِذ يعاقبهم على كفرهم أَشد العقاب.