بعد أَن بين الله سبحانه أَنه سيطوى السماءَ، ويبعث الخلائق كما بدأَهم، وأَن أَرض الجنة يرثها الصالحون، وأَنه أَرسل نبيه محمدًا رحمة للعالمين عقب ذلك بأَمره ﷺ أن يدعو المشركين إِلى التوحيد والإِسلام؛ رحمة بهم لعلهم يسلمون، فينجوا من سوءِ المصير.
والمعنى: قل أَيها المبعوث رحمة للعالمين - لهؤلاءِ المشركين من قومك ولغيرهم: ما أَوحى الله إليَّ إلاَّ أنه إِله واحد، فما لكم تتخذون معه آلهة تعبدونها من الحجر والشجر والبشر وغيرها، ولا تصلح العبادة لسواه.
﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾: أَي فأَسلموا لله وانقادوا لأَمره، والتمسوا رضاه بطاعته؛ حتى تفوزوا بالنجاة وتكونوا من المفلحين. ثم عقب ذلك بإِنذارهم على الإِعراض فقال:
أَي: فإِن أعرضوا عما دعوتهم إليه، فقل لهم: ﴿آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾: أَي بلغتكم ما أَوحى الله إِليَّ أَن أُبلغه من توحيده في العبادة، مستوين في الإِعلام بذلك، فلم أَخص به جماعة دون آخرين.
ويجوز أَن يكون المعنى: أَعلمتكم ذلك مستويا معكم (٢) في العلم بما أَعلمتكم به من وحدانية الله لظهور الأَدلة عليها، كما يجوز غير ذلك من المعانى، وحسب القارئ ما ذكرنا.
(١) سورة التوبة، آية: ١٢٨. (٢) فعلى الأول تكون كلمة "على سواء" حالا من كاف المفعول في "آذنتكم" وعلى الثاني تكون حالا من التاء والكاف أي من الفاعل والمفعول.