ومسكنتهم، لا معاتبةً لهم وتثريبًا (١). . . إيثارًا لحق الله تعالى على حق نفسه فى ذلك المقام الذى يتنفس فيه المكروب ويتشفى فيه المغيظ المحنق. فلله تعالى هذا الخلق النبوى الكريم
هذا استفهام تقريرى ولذا أكَّدوه بإِن واللام. قالوه استغرابًا وتعجبًا وفرحًا بنجاح تحسسهم الذى وصاهم أَبوهم به.
(قَالَ أَنَا يُوسُفُ): جوابًا عن مسأَلتهم وقد زاد عليه قوله:
(وَهَذَا أَخِي):- أى أخي من أَبوىَّ- مبالغة فى تعريفهم بنفسه. وتفخيمًا لشأن أخيه؛ وتحدُّثًا بنعمة الله عليهما قال:
(قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا): بالخلاص مما ابتلينا به والاجتماع بعد الفرقة، والعزة بعد الذلة والأنس بعد الوحشة، ثم علل ذلك بقوله:
(إنَّهُ مَن يَتَّقِ): الله فى جميع أحواله.
(وَيَصْبِرْ): على أداءَ طاعاته وتجنب معاصيه.
(فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ): أى فإن الله لا يضيع أجرهم، وعبر عنهم بالمحسنين، ليشير بذلك إِلى أن أهل التقوى والصبر هم أَهل الإِحسان، وهم الأحقاءُ بجزاءِ الله العظيم وإحسانه ورحمته فى الدنيا والآخرة. قال تعالى:" هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ"(٢). وقال تعالى:(إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)(٣).
(١) التثريب: اللوم. (٢) سورة الرحمن، الآية: ٦٠ (٣) سورة الأعراف، الآية: ٥٦