أَخرج ابن جرير، عن أَبي هريرة، قال: سمعت رسولَ الله ﷺ يقول لأكتم بن الجون: "يا أَكتمُ، عُرضتْ عليّ النارُ. فَرَأَيْتُ فِيهَا عَمْرَو بنَ لُحَى بن قَمَعة ابن خِندف يَجُرُّ قُصبَهُ (١) في النارِ فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَشْبَهَ بِرَجُل، منكَ بِهِ وَلَا بِهِ مِنكَ. فقال أَكتمُ: أخشى أَن يضرنى شبهه يا رسول الله. فقال رسُولُ اللهِ ﷺ: لَا .. إنَّكَ مُؤْمِنٌ. وَهُوَ كَافِرٌ. إِنه أَول من غَيّرَ دينَ إِسماعيل، وبحَر البحيرةَ، وسيّبَ السائبةَ، وحمى الحامىَ".
﴿وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾: أن ذلك افتراءٌ؛ لأَنهم قلدوا فيه آباءَهم.
والمعنى: ولكن الكافرين - من الرؤساءِ والكهان (٢) - افتَرَوُا الباطل، وأَضافوه - زورا - إلى الله. أَمَّا أَكثرهم - وهم عوامهم الذين يَتَّبعونهم - فهم قوم لا يعقلون أَنه افتراءٌ باطل حتى يخالفوهم ويهتدوا إلى الحق بأَنفسهم. لذلك قلدوهم واستمروا على تقليدهم.
وفي هذه الجملة تنديد بقصور عقلهم، وسوء تقليدهم، لمن أَضلوهم من الكهان.
هذا بيان لقصورهم، وانهماكهم في التقليد، دون أن يحَكِّموا عقولَهم.
والمعنى: وإذا قال لهم الرسول: تعالَوْا إِلى ما أَنزل الله من تشريع، وإِلى الرسول ليبينه لكم، أَعرضوا ولم يستجيبوا لداعى الهُدَى والحق قائلين: كافينا ما وجدنا عليه آباءنا من الدين والتشريع. فَردَّ الله تعالى عليهم بقوله: