ولولا ذلك لم يجئ تمييزٌ، ووجب النصبُ على الحال، وامتنع دخول "مِنْ"(١).
* ع: يقال: حَبَبت زيدًا، بالفتح، بمعنى: أحببته، وفيه شذوذٌ من ثلاثة أوجه:
أحدها: الاستعمال؛ فإن الأكثر في الاستعمال: أَحْبَبت.
الثاني: في مضارعه، وهو يُحِبُّ، بالكسر، مع أن "فَعَلَ" المضاعفَ المتعديَ إنما قياسُه: يَفْعُلُ، بالضم.
الثالث: استغناؤهم عن اسم فاعلِه، وهو "حابٌّ"، باسم الفاعل المزيد فيه، وهو "مُحِبٌّ"، وعكسوا في اسم المفعول، واستغنوا بـ"مَحْبُوب" و"حَبِيب" عن "مُحَبٍّ"، على أنهم ربَّما قالوه، كقوله (٢):
مِنِّي بِمَنْزِلَةِ المُحَبِّ المُكْرَمِ (٣)
وأَذْكَرَني هذا الموضعُ مسألةَ "رَسَا" و"أَرْسى": قال ابنُ دُرَيدٍ في كتاب "الجَمْهَرة"(٤) في باب: ما لم يَعْرفه الأَصْمَعيُّ وعَرَفه أبو زيدٍ وأبو عُبَيْدةَ: إن "أَرْسى" مَقُولٌ بمعنى: رَسَا؛ إلا أن العرب لم تَقُلْ: مُرْسٍ، بل اجتَزَأت بـ: راسٍ.
ونَقَل هذا أبو عَلِيٍّ البَغْدَاديُّ في كتابه "فَعَلت وأَفْعلت"(٥)، إلا أنه أخطأ؛ إذ استدلَّ على "أَرْسى" بقوله: {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا}(٦)، وإنما هذه همزةُ النقل، مثلُها في: جَلَس وأَجْلسته، وأقام (٧) وأَقَمته (٨).
(١) الحاشية في: وجه الورقة الملحقة بين ٩٢ و ٩٣. (٢) هو عنترة بن شدَّاد العَبْسي. (٣) عجز بيت من الكامل، تقدَّم في باب "ظنَّ" وأخواتها. (٤) ٣/ ١٢٥٧. (٥) لم أقف على ما يفيد بوجوده. (٦) النازعات ٣٢. (٧) كذا في المخطوطة، والصواب: وقام؛ غير معدًى بالهمزة. (٨) الحاشية في: ٩٣.