وحكى اللَّحْيَانِيُّ (١) في "نوادره"(٢) عن الكِسَائِيِّ (٣): سمعت العربَ تقول: أَعْسِ بأن تفعل، أي: أَخْلِقْ، و: بالعَسَيِّ أن يفعل، قال: ولا تفعل هذا بـ"عسى" التي معناها العرض (٤) والإشفاق. من "بُغْيِة الآمال"(٥)(٦).
* من مُثُلِ "عسى" للإشفاق: قولُ بعض (٧) الصحابة رضي الله عنهم أجمعين للنبي صلى الله عليه وسلم، حين قال له:«إنَّكَ لَتُشْبِهُ الدَّجَّالَ»: عسى أن يضرَّني شَبَهُه يا رسول الله (٨).
فهذا إشفاقٌ قطعًا، لا طمعٌ (٩).
بعد عسى اخلولق أوشك قّد يرد ... غنى بأن يفعل عن ثان فقد
(خ ١)
* [«"أَوْشَك" قَّد»]: تُدغَم الكاف في القاف، مثل:{لَك قُّصُورًا}(١٠)؛ وإلا
(١) هو علي بن حازم، وقيل: ابن المبارك، أبو الحسن، من أكابر أهل اللغة، أخذ عن الكسائي وأبي زيد والأصمعي، أخذ عنه: أبو عبيد القاسم بن سلام، له: النوادر. ينظر: نزهة الألباء ١٣٧، ومعجم الأدباء ٤/ ١٨٤٣، وإنباه الرواة ٢/ ٢٥٥، وبغية الوعاة ٢/ ١٨٥. (٢) لم أقف على ما يفيد بوجوده. (٣) ينظر: المحكم ٢/ ٢٢٠، والتذييل والتكميل ٥/ ١١٣. (٤) كذا في المخطوطة، ولعل الصواب ما في بغية الآمال: الطمع. (٥) بغية الآمال في معرفة مستقبلات الأفعال لأبي جعفر الفِهْري اللَبْلي ٢٩، ٣٠. وينظر: تحفة المجد الصريح له ٤٢. (٦) الحاشية في: ٤٢. (٧) هو أكثم بن الجَوْن، أو: ابن أبي الجَوْن رضي الله عنه. (٨) بعض حديث نبوي علَّقه ابن سعد في الطبقات ٤/ ٢٩٢ بنحوه، وهو بتمامه: «فقال: لا، أنت مسلم، وهو كافر». ولفظه: «هل يضرني شبهي إياه؟»، ولا شاهد فيه. وروي من وجه آخر فيه الشاهد، أخرجه الطبري في تفسيره ١١/ ١١٨ وغيرُه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، لكن فيه تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم أكثمَ بعمرو بن لُحَيٍّ الخزاعي، وذكر ابن عبدالبر في الاستيعاب ١/ ١٤٢ أنه الصواب. (٩) الحاشية في: ٤٣. وقد كتبها الناسخ بإزاء البيت الأخير في الباب، ولعل وضعها هنا أقرب. (١٠) الفرقان ١٠، وهي قراءة أبي عمرو. ينظر: جامع البيان للداني ١/ ٤٤١.