خائفاً أن يكون عبوسه وإعراضه عنه إنما هو (١) لشيء أنكره الله منه، فعاتب اللهُ نَبِيَّهُ وأنكر عليه فعله بهذه الآيات (٢).
قال الأصم:" بقي النبي - صلى الله عليه وسلم - وجهه كالرماد حزناً ينتظر ماذا يحكم الله عليه فيما عاتبه، فلما نزل {كَلَّا} سُرِّي عنه؛ لأن معناه لا تفعل ذلك بعد هذا "(٣).
وذكر المبرد:"بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قام أُخِذَ ببصره حتى كان يُصادم جُدُر مكة "(٤).
وقيل: كان ذلك ساعة.
وقيل: بقي سبع ساعات (٥).
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك يبالغ في إكرامه ويبسط له رداءه ويقول له:((مرحباً بمن عاتبني الله فيه)) (٦).
واستخلفه على المدينة عند غزوه مرتين يخلفه في الإمامة ويؤذن له (٧).
{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣)}: أخبر عن نيته في العبوس ولم يخاطبه معاتبةً له (٨).
وقيل: تعظيماً لحرمته.
ثم عاد إلى خطابه فقال:{وَمَا يُدْرِيكَ} أي: أنك لا تدري لعل هذا (٩) الذي أعرضت عنه أكرم عند الله (١٠)؛ لأنه {يَزَّكَّى} أي: يطلب أن يكون زكيِّاً بالعمل الصالح.
(١) في (ب) " أنا هو ". (٢) انظر: جامع البيان (٣٠/ ٥٠)، تفسير ابن أبي حاتم (١٠/ ٣٣٩٩)، تفسير السَّمرقندي (٣/ ٥٢٤)، أسباب النزول؛ للواحدي (ص: ٣٦٥). (٣) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٣٠٧). (٤) انظر: المرجع السابق. (٥) انظر: المرجع السابق. (٦) لم أقف على تخريجه، وقد جاء من طريق الثوري، وقد أورده بعض المفسرين. [انظر: تفسير الثعلبي (١٠/ ١٣١)، أسباب النزول (ص: ٣٦٥)، الجامع لأحكام القرآن (١٩/ ٢٠٣)]. (٧) انظر: أسد الغابة (٣/ ٢٧٦)، سير أعلام النبلاء (١/ ٣٦١). (٨) في (أ) " معاينة له ". (٩) في (أ) " لعل الله هذا ". (١٠) في (ب) " إكرام عند الله ".