أحدهما: أن ذلك عامٌّ في جميع ما خلقه الله تعالى، يقوله قولاً إلا الكافر؛ لقوله (٢): ... {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} الآية، [الحج: ١٨].
والثَّاني: أن ذلك بالدلالة على التوحيد وحمل الغير على التسبيح، وذلك مطَّرد لا مُثنويةَ فيه. وقد سبق (٣).
وجاء سبّحة، وسبّح اسمَه، وسبح باسمه، وسبح بحمده:
فمعنى:(سبحه): نزهه ومجّده.
ومعنى:(سبَّح لله)، و (سبّح الله)؛ لأجل استحقاقه التسبيحَ، أو صلى لله، كما فسّره ابن عبّاس - رضيَ الله عنهما -، أو رفع صوتَه بالدعاء لله.
ومعنى:(سبّح اسمَه): جعل صفتَه ذاتَ براءةٍ ممَّا لا يليق به.
ومعنى:(سبّح باسمه): تلفّظ بما يدلُّ على براءته.
ومعنى:(سبّح بحمده): سبّح اللهَ بأنْ حمده وأثنى عليه، وقال: الحمد لله. والله أعلم.
وفي هذه السورة:{مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، وكذلك آخر الحشر، وفي سائرها:{مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}، وهو القياس. ولكن في هذه السُّورة نَزّل المكانين منزلةَ مكانٍ واحدٍ.
[وأما آخر الحشر فقد تقدّم ذكر {الْخَالِقُ الْبَارِئُ}[الحشر: ٢٤]، فنزلهما منزلةَ مكانٍ واحدٍ، وجعل الخلقَ فيهما خلقاً واحداً، موافقةً لما بعده؛ لأنَّ في هذه الآياتِ الخمسِ أربع
(١) " إن " ساقطة من (ب). (٢) في (أ) " إلا الكافرين كقوله ". (٣) أي سورة الإسراء بقوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء (١)].