قرأ ابن عامر/وحده {فَلْيَفْرَحُوا} بالياء و «تجمعون» بالتّاء وروى عن الرّسول صلّى الله عليه وسلم فلتفرحوا بالتّاء على أصل الأمر؛ وذلك أنّ كلّ أمر للغائب والحاضر فلا بدّ من لام تجزم الفعل، كقولك: ليقم زيد {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ}(١) وكذلك إذا قلت قم واذهب والأصل: لتقم ولتذهب بإجماع النّحويين، غير أن المواجهة كثر استعماله فحذفت اللاّم (٢) اختصارا واستغنوا ب «افرحوا» عن «لتفرحوا» وب «قم» عن «لتقم» وفى حرف أبيّ (٣)«فبذلك فافرحوا» فأمّا اللام من الغائب فلا يجوز حذفها إلا فى ضرورة شعر كما قال (٤):
محمّد تفد نفسك كلّ نفس ... إذا ما خفت من أمر تبالا (٥)
وكذلك قرأ القراء الباقون:{فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} بالياء على أمر الغائب
(١) سورة الطلاق: آية ٧. (٢) هذه المسألة من مسائل الخلاف بين الكوفيين والبصريين كثيرة الورود فى كتب النحو. ينظر كلام المؤلف فى إعراب ثلاثين سورة: ٥٤، ١٢٧، وكلام شيخه ابن الأنبارى فى شرح السبع الطوال: ٣٨، وكلام شيخ شيخه ثعلب فى مجالسه. ٤٥٦. وينظر: الإنصاف لابن الأنبارى: ٥٢٤، مسألة رقم (٧٢) والتبيين عن مذاهب النحويين: ١٧٦، وتخريجها هناك. وائتلاف النصرة: ١٢٥. (٣) قراءة أبى فى معانى القرآن للفراء: ١/ ٤٦٥، والبحر المحيط: ٥/ ١٧٢. (٤) اختلف فى نسبة البيت فقيل لحسان، ولم يرد فى ديوانه وقيل للأعشى، ديوانه: ٢٥٢ (الصبح المنير)، وقيل لأبى طالب عم النبى صلّى الله عليه وسلم. الخزانة: ٣/ ٦٢٩ نقلا عن شرح أبيات المفصّل لبعض فضلاء العجم. ينظر: الكتاب ١٠/ ٤٠، والإنصاف: ٥٣٠، وأسرار العربية: ١٢٥، والتبيين عن مذاهب النحويين: ١٧٨ وشرح المفصل لابن يعيش: ٧/ ٢٥، ٦٠، ٩/ ٢٤، والجنى الدانى: ١١٣، والخزانة: ٣/ ٦٢٩. (٥) فى الأصل: «وبالا».