واعلم أن هذه عبارة تعديل لا تجريح؛ فقد قال الذهبي في «الموقظة» (ص ٨٣): «وبالاستقراء: إذا قال أبو حاتم: «ليس بالقوي»؛ يريد بها: أن هذا الشيخ لم يبلغ درجة القوي الثبت»! قلت: فأين - في هذين - مَنْ فِيهِ كَلَامٌ مُسْقِطٌ؟! فتبين أن متابعين - ثقتين صدوقين - تابعا (سعدا) - الصدوق الثقة - في رواية الحديث عن عمرة … مرفوعا متصلا! أما بلاغ (مالك): فلا يضره؛ لأن الواصل ثقة، ولأن (مالكًا) نفسه اختلف عليه! ثم الرواية الرفع - من طريق (سعد) - متابع آخر؛ فقد أخرجه الخطيب في «السابق واللاحق» (ص ١٠٣) من طريق أيوب بن خالد عن عمرة … به مرفوعا. لكن في الطريق إليه: (ابن أبي يحيى الأسلمي)، وهو متروك؛ فلا يفرح به! وأما قول البخاري: «ورواه عروة والقاسم عن عائشة … قولها»!! فلم أر - الساعة - رواية (عروة)! ولا خَرَّجَهَا (الأرنؤوط)؛ بل ذكرها ومشى! وأما (القاسم)؛ فالذي رأيته عنه: الرفع لا الوقف؛ أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (١٣/ ١٤٤)، والدارقطني (٣/ ١٨٨) من طريق أبي حذيفة عن زهير بن محمد عن إسماعيل بن أبي حكيم عن القاسم عن عائشة … مرفوعا. قلت: سنده حسن؛ فإن (أبا حذيفة -وهو موسى بن مسعود النهدي البصري-) قد تكلّم فيه بما لا يُنْزِلُه عن رتبة (الحسن)، كما صرح به صاحبا «تحرير التقريب»! وأما المعلق على «المسند»؛ فقد طار بقول الحافظ فيه: «سَيِّئُ الحفظ» كل مطار؛ ليخلص - بعد - إلى تعصيب جناية الرفع به! وبماذا؟! برواية معلقة - لم يعرف إسنادها - ذكرها البخاري، كما تقدم!! وإذن؛ فالصواب أن (أبا حذيفة) حسن الحديث. والله الموفق! وأما (زهير)؛ فالصواب صحة حديثه هنا كما ذهب إليه المعلق على «بيان الوهم والإيهام» (٥/ ٣٨٠)؛ لأن (أبا حذيفة) بصري، و (زهير) صحيح الحديث فيما رواه عنه غير الشاميين، لا سيما البصريين!