لكن أخرجه الخطيب والطحاوي والدارقطني في المواضع المذكورة .. بالإسناد نفسه؛ بذكر: (سعد بن سعيد) بدل: (حارثة)! قلت: (الثوري) ثقة جبل! فبقي النظر في (عبيد الله بن موسى)؛ قال الحافظ: «ثقة، كان يتشيع». قال أبو حاتم: «كان أثبت في (إسرائيل) من (أبي نعيم)، واستصغر في (سفيان)»! قلت: قوله: «واستصغر في (سفيان)»: من كلام الحافظ، وهو كلام مجمل! وقد تُكلِّم في روايته عن (سفيان) كثيرًا، وقد استوعب هذا الكلام - سلبًا وإيجابًا -: (د. صالح الرفاعي) في كتابه النافع «الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم» (ص ١٦٧ - ١٧١)، وانفصل فيه إلى أنه ثقة حتى في (سفيان)! قال عمر - كان الله له -: وعلى أي القولين اعتمدنا؛ فلا إشكال هنا! إذ لو ضعفناه في (سفيان)؛ فلا حجة بمخالفته - لأجل اضطرابه -؛ فَتُرَدُّ روايته! وإن كان ثقة فيه؛ دلَّ على أن لـ (سفيان) إسنادين محفوظين في هذا الحديث: أحدهما: عن (حارثة عن عمرة عن عائشة … مرفوعًا). والآخر: عن (سعد بن سعيد عن عمرة عن عائشة … مرفوعًا) أيضًا. ولذا قال الدارقطني في «العلل» (١٤/ ٤١٠): «الصحيح: عن سعد بن سعيد، وعن حارثة - وليس بالقوي- عن عمرة عن عائشة عن النبي ﷺ». قلت: فثبت بهذا صحة ما استظهرته آنفًا من أن كلا الروايتين محفوظتان مرفوعتين عن (الثوري)، ويبقى النظر في شيخي (سفيان) - اللَّذَيْنِ مدار الحديث عليهما: فأما (حارثة)؛ فقد تقدم قول الدارقطني بأنه ليس بالقوي، وهو أيضًا ما انفصل إليه الحافظ في «التقريب» - إذ قال: «ضعيف» -، وهو ضعف لا يمنع من الاستشهاد بمثله! لكن تقدم أن البخاري طرحه بقوله: «منكر الحديث»، وقد صرَّح غير واحد بأنه لا يكتب حديثه! فالمسألة في حاجة الى مزيد من النظر والتأمل! ولكني أكتفي - الساعة - باطراح روايته احتياطًا! نعم؛ تابعه - كما تقدم - (سعد بن سعيد)، وقد ضعفه جمع من أهل العلم، منهم أحمد وغيره! ووثقه ابن معين وغيره، وخرج له مسلم في «صحيحه».