من أوجه الاختلاف على (سفيان الثوري) كما سيأتي! وأما شيخنا؛ فقد أجمل الطرق عن (عمرة)، فقال في «أحكام الجنائز» (ص ٢١٥): «وبعض طرقه صحيح على شرط مسلم!» قال عمر - كان الله له -: ليس على شرطهما، بل ولا صحيحًا أصلا؛ فإن (أبا أحمد الزبيري) - وإن كان من رجال «الصحيح» - قد تكلموا في روايته عن (الثوري) خاصة؛ فقال أحمد: «كان كثير الخطا في حديث سفيان» - كما في «هدي الساري» -، وقد أورده الحافظ، ولم يجد ما يدافع به عنه؛ بل دافع عن البخاري! فبعد إيراد أقوال الأئمة فيه - بما يتفق وما قدمنا من أنه ثقة حافظ، لكنه مخلط عن (الثوري)؛ قال الحافظ: «احتج به الجماعة؛ وما أظن البخاري أخرج له شيئًا من أفراده عن (سفيان)»! قال عمر: فالإسناد ضعيف! وإلى ضعف هذا الإسناد وشذوذه - بذكر (يحيى) - انفصل الشيخ مقبل الوادعي في أحاديث معلة (٥٠٩)، ورجح أن المحفوظ رواية: (سفيان عن حارثة عن عمرة عن عائشة .. مرفوعًا)؛ واقتصر في ردّها على نقل قول البخاري في (حارثة): «منكر الحديث؛ لم يعتد به أحمد»! قلت: اختار ألا يستشهد به - وفاقا لجمهور النقاد، وخلافا للحافظ كما يأتي! - لكن عمل المعلق على «المسند» لا يجري على قواعد الصنعة؛ فإنما أورد هذا الوجه وغيره؛ ليدل على الاضطراب الواقع في رواية (سفيان)! وقد قدمنا أن هذه الرواية ضعيفة! فلننظر فيما بقي: أورد رواية الدارقطني في «العلل» عن قبيصة عن سفيان عن حارثة عمن حدثه عن عائشة عن النبي ﷺ … به. قلت: ولا قيمة له؛ لأن (قبيصة) متكلم أيضًا في روايته عن (سفيان)! فصار هذان الوجهان لا عبرة بهما! نعم؛ قد توبع (قبيصة) على هذا النحو الأخير؛ فأخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (١٣/ ١١٩)، وعبد الرزاق (٦٢٥٧)، والطحاوي في المشكل (١٢٧٦ - ط الرسالة) من طريق عبد الله بن موسى عن سفيان عن حارثة عن عمرة عن عائشة … به مرفوعا!