للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الله».


المقام الثاني: في تحرير صحة النقل؛ وذلك أني لم أر كلام أبي داود المزبور في شيء من
كتبه، ولا نقله أحد ممن طرف كتبه مثل المزي في «تحفة الأشراف»!
وأما كلام البزار؛ فلم أره في المطبوع من «البحر الزخار»! وفيه نقص!
المقام الثالث: في مناقشة قول مدعي الانقطاع؛ على التسليم بصحته عنهم! فأقول: لم أر أي شبهة - يمكن أن يستمسك بها- في إثبات دعوى الانقطاع بعد التدقيق في الروايات، وطول البحث في طرق الحديث إلا أني قد ذهب وَهَلِي بادي النظر في إسناد أحمد (٦/ ١٧٣) المتقدم إلى أن ثمة انقطاعًا! وهأنذا أسوق إسناده كاملا؛ حتى يتم تحقيق القول في ذلك! فقال الإمام أحمد (٢٥٤٠٧ - ط الرسالة): حدثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا: حدثنا شعبة عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبي المليح (قال حجاج: عن رجل) قال: دخل نسوة من أهل الشام على عائشة … فذكره!
قلت: فهذا القول الذي بين هلالين؛ قد يفيد في بادي الرأي - أن رواية (الحجاج -وهو ابن محمد المِصْيصِيُّ-) فيها زيادة (عن رجل) بين (أبي المليح) و (عائشة)!!!
ولولا أني قد رأيت الحافظ النَّحْرِير ابن حجر ينص على ذلك في «إتحاف المهرة» (١٧/ ٦٦٢/ ٢٢٩٩٦) -: لَمَا تَخَيَّلْتُ أن يكون مِمَّا قد يَخْطُرُ على بال حديثي -بله أمير المؤمنين، وسيد حفاظ المتأخرين -! وهذا هو الإسناد ماثلا أمام أعين القُرَّاء؛ فلينظروا إن كان يدلُّ على ما قال؟! وإنَّما الذي يفهمه كل من شدا شيئًا من مِرَاس النظر في الأسانيد والمرويات: أن الراويين اختلفا؛ فأحدهما قال: (عن أبي المليح)، والآخر قال: (عن رجل) مبهما! ولم نذهب بالقُرَّاء بعيدًا؟! فهذا الحافظ نفسه يقول في «إِطْرَافِ المُسْنِدِ المُعْتَلِي» (٩/ ٢٩٠): «(١٩٠) - (أبو الْمَلِيح بن أسامة عن عائشة): (١٢٢٨٩) - حديث (د ت ق): دخل .. [فذكره]: عن محمد بن جعفر وحَجَّاج كلاهما عن شعبة. وعن عبد الرزاق عن الثوري كلاهما عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عنه؛ لكن قال حجاج في حديثه: (عن رجل)»! انتهى.
فهذا أقوى ما يمكن أن يُتَمَسَّكَ به! فهل هو حُجَّةُ أبي داود والبزار؟! الله أعلم!! وأمر آخر؛ وهو أننا - على التسليم بأن رواية (حجاج) تفيد ما فهمه ابن حجر في «إتحافه» - قد بينا أن روايته شاذَّةٌ لا تصح، وأن الصواب رواية الكافة عن (شعبة)!