للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المراد بالنعمة: محمد ، فقد أنعم الله عليهم ببعثته، وعرفوا صدقه، وأمانته ثم أنكروه، وكفروا به. روى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ؛ أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ فَسَأَلَهُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ : ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ. قَالَ: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ﴾ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ. ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ الْأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ، حَتَّى بَلَغَ: ﴿كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ﴾ فَوَلَّى الْأَعْرَابِيُّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ (١)

مناسبة الباب لكتاب التوحيد:

من صور الشرك المنافي للتوحيد الواجب إسناد النعم لغير الله.

قوله: "قال مجاهد" مجاهد بن جبر، أبو الحجاج المخزومي، مولاهم المكي، ثقة، إمام في التفسير، مات بعيد المائة، .

قوله: "ما معناه: هو قول الرجل: هذا مالي ورثته عن آبائي" هذا من تفسير الشيء بمثاله، فعدّ مجاهد قول الإنسان: "هذا مالي ورثته عن آبائي" من نكران نعمة الله، حيث لم يسند النعمة إلى مسديها، وهو الله ﷿، وإنما جعل هذا مالاً متسلسلاً إليه، ولم يرعَ فيه نعمة الله ، بإضافة النعمة إليه سبحانه، والثناء بها عليه ..

قوله: "وقال عون بن عبد الله" عون بن عبد الله الهذلي، أبو عبد الله الكوفي، ثقة، عابد، كانت مات قبل عشرين ومائة، .

قوله: "لولا فلان لم يكن كذا" (لولا) حرف امتناع، فعلّق عدم الحصول بفلان. فهو عنده السبب في حصول المطلوب، أو دفع المرهوب، وفي هذا إسناد الفضل إلى غير مسديه، وهو الله .

"وقال ابن قتيبة" هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، حافظ، أديب، يوصف بأنه خطيب أهل السنة، كما كان الجاحظ خطيب المعتزلة، وله مؤلفات نافعة، مات سنة ست وسبعين ومائتين، .


(١) (انظر: الدر المنثور للسيوطي: (٥/ ١٥٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>