هُوَ﴾ [الأنعام: ١٧]؛ أياً كان ذلك الضر؛ لأن (ضر) نكرة جاءت في سياق الشرط، فتدل على العموم. فإذا قوي اليقين عند العبد المبتلى بالعين أو بالسحر، بأن الله ﷾ هو الذي يجيب الدعوات، ويكشف الكربات، فإن الله ﷾ يستجيب له، فهو المدبر سبحانه، ولو شاء أتلف مادة السحر أياً كانت، وأينما كانت، ولو كانت مدفونة في قبر، أو ملقاة في قعر البحر، أو غير ذلك. فعلى العبد أن يفعل الأسباب الشرعية؛ كالرقى والدعاء، والأسباب الحسية؛ كالأدوية المباحة، كما قال ابن القيم ﵀، فيرقي نفسه، أو يرقيه غيره، ويحافظ على الأوراد. وإذا كان الأمر يتعلق بمعاناة عضوية، فيتناول الأدوية المناسبة.
فالواجب: التوكل على الله ﷿، وألا يدب اليأس إلى النفس، وكثير من الناس إذا اضطرب مزاجه، أو أصابه أدنى عارض نفسي أو عضوي، تبادر إلى ذهنه: أنه قد عمل له عمل، أو أصابته عين. والعين حق، والسحر حق، لكن لا يجوز للإنسان أن يعتمد على الظنون بلا بينة، بل عليه أن يفعل ما في وسعه، وما أتاح الله له من الأسباب. وأما القطع بشيء من هذه الأشياء دون دليل وبينة، فلا؛ لأنه يفتح على الإنسان باب التوهم، وسوء الظن بالمسلمين.
وبعض الرقاة الجهلة -وللأسف- يصنع هذه الأوهام؛ فيأتيه الرجل أو المرأة، يعاني مرضاً ما، فيقول له: وقع لك كذا وكذا، ويأتي بالعجائب؛ يقول: دخل بك اثنان من الجن، أو ثلاثة، حتى قال أحدهم: دخلت فيك قبيلة! فيخرج من أتى هؤلاء بعلة، بألف علة! ويصاب بالانهيار والتوتر البالغ. فمن اشتغل بالرقية، فليس مطلوباً منه أن يقدم تشخيصًا لما جرى؛ لأن هذا أمر غيبي، لا يعلمه إلا الله، وإنما عليه أن يقرأ على المريض، وينفث، كما قال النبي ﷺ:"من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل"(١)، ويوصيه بالأوراد الشرعية، والتوكل على الله، ويطمئن قلبه، ويذكره بأنه لا يصيبه إلا ما كتبه الله له.
ولا يجوز للراقي أن يتباهى بإخبار المرقي بما جرى له، وما وقع منه، بل إن هذا مدعاة إلى الشك في هذا المعالج، فربما كان يستعين بالجن. فلا يقال: هذه عين، وهذا سحر، إلا بيقين، أو بقرينة قوية. ومن شأن ابن آدم أن يصاب