للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة، فهذا جائز (١).

الشرح:

قوله: "باب: ما جاء في النشرة" أي: باب ما جاء في حكمها وأنواعها؛ وذلك أن الأمر يحتمل الجواز، والمنع. فلما كان بعض أنواع النشرة منافياً للتوحيد، لما فيه من الاستعانة بالشياطين؛ وذلك بالوقوع في السحر نفسه، ناسب إدخال هذا الباب في كتاب التوحيد؛ لأن النشرة قد تكون من فعل الشياطين.

والنشرة في اللغة: مأخوذة من النشر وهو التفريق؛ والنشر عكس الطي، فالنشر يدل على السعة، ضد الضيق والحرج؛ ولهذا قال عن أصحاب الكهف: ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ [الكهف: ١٦]؛ وذلك أن المصاب يكون في كرب وضيق، فإذا تداوى فكأنما فُرِّق ذلك عنه فانتشر بعد أن كان مضيقاً عليه. فالنشرة: نوع من العلاج؛ يكون بالرقية، ويكون بغيرها، فمنه: ما يكون مباحاً، ومنه: ما يكون محرماً.

مناسبة الباب لكتاب التوحيد:

لما ذكر المصنف ما يتعلق بالسحر، وبيّن شيئاً من أنواعه، وذكر الكهان وما يصدر منهم، أتبع ذلك بهذا الباب المتعلق بالنشرة، فإن الناس إذا أصابهم السحر، طفقوا يبحثون عن حَلِّه، والخلاص من شره، فربما وقعوا في النشرة الشركية.

قوله: "عن جابر: أن النبي سُئل عن النشرة، فقال: "هي من عمل الشيطان" رواه أحمد، بسند جيد" (أل) في (النشرة) عهدية، فلهذا بادر النبي بالقول: بأنها من عمل الشيطان؛ لأن النشرة المسئول عنها هي ما كان معهوداً في الجاهلية من حل السحر بسحر مثله، فيحصل بالاستعانة بالشياطين، واستجدائهم، وتقديم النذور والقرابين لهم، فيقعون في الشرك الأعظم، الذي


(١) إعلام الموقعين عن رب العالمين (٤/ ٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>