للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصح عن حفصة أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها، فقتلت (١).

وكذلك صح عن جندب (٢). قال أحمد: عن ثلاثة من أصحاب النبي (٣).

الشرح:

مناسبة الباب لكتاب التوحيد:

لما كان السحر منافيًا لأصل التوحيد لما يتضمنه من ادعاء علم الغيب؛ ومن الاستعانة بالشياطين، ولكثرة شيوعه، وعظيم خطره، وشديد أذاه على الناس، عقد المصنف هذا الباب مبيناً حكمه، وحكم مرتكبه، وآثاره الخطيرة.

وقد ابتلى الله الناس بالسحر قديماً، فقال الله تعالى في سورة البقرة: ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٠٢] لقد أنزل الله تعالى ملكين كريمين،؛ هاروت وماروت، وهما ملكان كسائر الملائكة الكرام، لا نقول فيهما إلا ما نقول في سائر ملائكة الله ﷿، ولا نلتفت إلى الروايات الإسرائيلية الخيالية، التي ليس لها خطام ولا زمام، أنزلهما الله تعالى في حاضرة من حواضر العالم القديمة وهي "بابل"، فكانا يعلمان الناس السحر؛ فتنة وابتلاء، فإذا قصدهما قاصد ليتعلم منهما السحر قالا له بصريح العبارة: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾، مما يدل على أن استعمال السحر كفر، وأنه يُؤدي إلى أضرار بليغة: نفسية واجتماعية، فيقتل، ويمرض، ويفرق بين المرء


(١) أخرجه مالك في الموطأ - رواية يحيى الليثي برقم (١٥٦٢)، وعبد الله بن أحمد في مسائل أبيه برقم (١٥٤٣).
(٢) التاريخ الكبير للبخاري بحواشي المطبوع (٢/ ٢٢٢).
(٣) تفسير ابن كثير، ت: سلامة، (١/ ٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>