قوله:"جناب التوحيد" أي: جانبه، فهو يحمي جانبه أن يُمس ويُتسور، فحماه النبي ﷺ كما يحمي صاحب الحمى حماه من الكلأ والعشب.
قوله:"وسده كل طريق يوصل إلى الشرك" معطوف على حماية، والتقدير: وما جاء في سده.
مناسبة الباب لكتاب التوحيد:
لما ذكر المصنف ﵀ في الأبواب السابقة ما قاله النبي ﷺ على وجه العموم في حماية التوحيد، أراد أن يُبيّن في هذا الباب ما جاء من حمايته جناب التوحيد على وجه الخصوص.
قوله: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ المخاطبون: العرب ابتداءً؛ لأنه بُعث فيهم؛ ولأنه قال: ﴿مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾، أي: من جنسكم، وفئتكم، وبلغتكم، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾ [إبراهيم: ٤] فهي سنة إلهية؛ أن يبعث الله الرسل من وسط قومهم، وبلغتهم، وفي قراءة:(من أَنْفَسِكم)(١)، من النفاسة.
قوله: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْه مَا عَنِتُّمْ﴾ أي: شديد عليه الأمر الذي يشق عليكم، ويلحقكم من جراءه العنت، لكمال شفقته ورأفته بأمته.
قوله: ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾ الحرص: جمع الهم على الشيء والسعي في تحصيله. فهو ﷺ شديد الحرص على ما فيه نفعكم، والتحذير مما فيه ضرركم في العاجل والآجل، ومن تتبع سيرته ﷺ وجد هذا جلياً؛ فإنه لم يدع شاذة ولا فاذة، إلا واهتم لها، وبيّنها لأمته ﷺ
قوله: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ أي: شديد الشفقة، وبليغ الرحمة بالمؤمنين. وشواهد ذلك من سيرته العطرة ﷺ أكثر من أن تحصر. ودلت الآية على أنه يجوز أن يسمى المخلوق بما يُسمى به الخالق، على اعتبار أن ما للمخلوق يليق به، وما للخالق يليق به؛ وذلك أن الرؤوف والرحيم من