١ - إقامة الأدلة العقلية على إبطال الشرك، فالعقل أحد مصادر الاستدلال؛ ولهذا يحيل الله تعالى عليه كثيراً، كقوله: ﴿لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ١٦٤] وقوله: ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ٤٤]. فالعقل السليم من الشهوات والشبهات من أقوى الأدلة الموصلة للحق، وإنما يذم من قدم العقل على النقل، وجعل النقل تابعاً للعقل، وهم المتكلمون والفلاسفة، فيجعلون العقل سيداً متبوعًا، والنقل مسوداً تابعاً، فالعقل أداة، يستنير بنور النقل، ويستضيء به، فلا نعطله، ولا نستقل به.
٢ - إثبات صفة الخلق لله ﷾، فالله تعالى هو الخالق وحده، لا خالق سواه.
٣ - إثبات التدبير لله ﷾؛ لأن النصر بيده.
٤ - الاستدلال بتوحيد الربوبية على توحيد الألوهية، وهي طريقة قرآنية، متكررة، فلما كان هؤلاء المشركون مقرين بأن ألهتهم لا تخلق، بل هي مخلوقة، وبأنها لا تنصرهم، ولا تنصر نفسها، كان من لازم ذلك ألا يعبدوها، ولا محيد لهم عنه.
قوله: ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ﴾ أي: من دون الله، وهم كُثر، فهناك من يدعو الجن، ومن يدعو الأنبياء والصالحين، ومن يدعو الملائكة، ومن يدعو الأصنام، الحيوانات، وغيرها.
قوله: ﴿مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾ القطمير: هو الغشاء الرقيق الذي يغلف النواة، وهو شيء تافه، لا يمثل ملكاً، ومع ذلك لا يملكونه. فلا شك أن الله، سبحانه، هو المتفرد بالملك، فله ملك السماوات والأرض؛ ولهذا قال في الآية الأخرى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ﴾ [سبأ: ٢٢] أي: فهم لا يملكون استقلالاً، ولا مشاركة، ولا معاونة، فبأي وجه يستحقون العبادة وهم لا يملكون شيئًا؟!
قوله: ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ﴾ يعني: إذا وقع منكم ذلك ودعوتهم،