أو يدعو غيره) أراد أن يقيم الأدلة النقلية العقلية على بطلان الشرك.
قوله تعالى: ﴿أَيُشْرِكُونَ﴾ الهمزة للاستفهام، والاستفهام هنا للإنكار والتوبيخ، والمراد بهم العرب الذي بعث فيهم النبي ﷺ.
قوله: ﴿مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ أي الأصنام، والأشجار، والأحجار، التي يدعونها من دون الله، فيجعلون لها شركاً في العبودية، فالله تعالى يعجّب من حالهم، وينكر عليهم، ويوبخهم، صنيعهم، كما قال في الآية الأخرى: ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: ١٧] فلا يمكن أن يكون الخالق والمخلوق سواء. ولهذا أبطل الله تعالى ألوهية الأصنام: بأنها لا تخلق، ولا تملك ضراً، ولا نفعاً، فقال تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا﴾ [الفرقان: ٣] فمن هذه صفته ليس أهلاً للعبادة، لأنهم لا يملكون شيئاً من صفات الربوبية. و (شيئاً) نكرة في سياق النفي، فدلت على أنهم لا يخلقون أدنى شيء، كما أخبر في الآية الأخرى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ [الحج: ٧٣].
قوله: ﴿وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ﴾ أي: أن هؤلاء المدعوين لا يستطيعون نصر من يدعونهم من المشركين، وليس هذا فقط، بل لا يستطيعون الانتصار لأنفسهم، فلو اعتدى عليهم أحد ما استطاعوا رده. ومما يروى في ذلك: