الشافعي، وهناك يسمع عليه أبو شامة دروسا في الحديث النبوي الشريف (١). ويحضر دروس الزين النحوي يحيى بن معطي، وكان آية في حفظ كلام النحويين (٢).
ويزور في دار الحديث الكاملية بين القصرين الشيخ الحافظ أبا الخطاب ابن دحية، وكان يدرس بها، ويأخذ منه إجازة (٣).
وقد حضر عنده ذات يوم، وهو يقرأ عليه «صحيح مسلم»، وكان قد وصل فيه إلى حديث أنس بن مالك (٤)﵁ أن نبي الله ﷺ ومعاذ بن جبل رديفه على الرحل، قال: يا معاذ. قال: لبيك رسول الله وسعديك، قال: يا معاذ. قال: لبيك رسول الله وسعديك. قال: يا معاذ. قال: لبيك رسول الله وسعديك، قال: ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا حرمه الله على النار. قال: يا رسول الله، أفلا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال: إذا يتكلوا. فأخبر بها معاذ عند موته تأثما (٥).
وكان أبو شامة يستشكل هذا الحديث، ويقول: أي إثم كان يلحقه لو لم يخبر به حتى تجنب الإثم بإخباره، غايته أن يقال: جاءت آثار وأخبار تقتضي الأمر بالتبليغ والنهي عن الكتمان نحو ﴿إن الذين يكتمون﴾، «بلغوا عني ولو آية»، نضر الله امرءا ونحو ذلك، إلا أن هذه الأشياء غايتها أن تكون عامة في جميع ما سمع من النبي ﷺ حتى تتناول محل النزاع، وفي محل النزاع دليل يخصه يقتضي منع الإعلام، والخاص مقدم على العام (٦).
(١) «المذيل»: ٢/ ٣٢، و وفيات الأعيان: ٧/ ٩٩، ومن هذه الأحاديث التي رواها نسخة في مكتبة بودليان بأكسفورد، انظر مقدمة «النوادر السلطانية» ص (٨). (٢) «المذيل»: ٢/ ٢٣. (٣) «المذيل»: ١/ ٣٧٣، ٢/ ٣٥. (٤) شرح الحديث المقتفى: ص ١٠١. (٥) «صحيح مسلم»: ١/ ٦١ رقم (٥٣). (٦) «شرح الحديث المقتفى»: ص ١٠١.