بلاد العجم على ما ذكرناه في كتاب السيرة العلائية والجلالية» (١). ويؤيد ما ذهبنا إليه أن هذا القسم الأول من «المذيل» كان أبو شامة يكتبه غالبا تباعا إثر ما يعاصره من وقائع وأحداث (٢).
ولعل أبا شامة قد اختصر هذا الكتاب عقب فراغه مباشرة من تأليف «كتاب الروضتين» في مرحلته النهائية، وقد سلف معنا أنه أنهى المجلدة الأولى منه في (١١) رمضان سنة (٣)(٦٥١ هـ/ ١٢٥٣ م)، وإذا افترضنا أن المجلدة الثانية قد استغرقت منه بضع أشهر أخرى، فيكون اختصاره لكتاب النسوي في نحو سنة (٦٥٢ هـ/ ١٢٥٤ م)، وكان ضغط التتار قد اشتد في تلك الفترة على المشرق الإسلامي (٤)، وفيما كتبه أبو شامة في تقديمه لهذا المختصر ما يؤيد ذلك، إذ قال: «أما بعد، فقد جمعت في كتابين مطول ومختصر ما كان في زمن آبائنا من مناقب سلطانين جليلين متتابعين ببلادنا الشامية، جمعت فيهما من أخبارهما ومآثرهما ما غبر في وجوه من قبلهما من الملوك، فكيف من بعدهما؟ فسقى الله عهدهما، وسميت الكتاب المطول بالروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية، والآخر مختصره.
ثم إني أردت الوقوف على أخبار ملكي بلاد العجم في زماننا، اللذين قهرا العباد، ثم خربت في ولايتهما البلاد، واستولى على تلك الديار الكفرة التتار - لعنهم الله - وسفك أولئك الملاعين دم الكبير والصغير من المسلمين، وجرى في تلك المدة من العجائب والغرائب ما لم يتقدم مثله - ولا أظنه يأتي إن شاء الله تعالى - فإنها من أفظع المصائب، فوجدت قد جمع أخبار تينك الدولتين الكاتب
(١) «المذيل»: ٢/ ١٢٤ - ١٢٥. (٢) انظر ص ٤٠٩ - ٤١٣ من هذا الكتاب. (٣) انظر ص ٣٥٩ من هذا الكتاب. (٤) انظر ص ١٧٧ - ١٧٩ من هذا الكتاب.