وقد تصدى من بعد لتحقيق «كتاب الروضتين»، فأصدر القسم الأول من الجزء الأول سنة (١٩٥٦ م)، والقسم الثاني من الجزء الأول سنة (١٩٦٢ م)، وقد نشرته لجنة التأليف والترجمة والنشر بالقاهرة. ثم توقف صدور الكتاب.
وقد قدم د. محمد حلمي في القسم الأول من الجزء الأول دراسة عن أبي شامة، يغلب على الظن أنها ملخصة عن دراسته.
ولم يستطع في دراسته هذه أن يصور لنا حياة أبي شامة تصويرا متكاملا في مراحلها كلها، بل كان يقفز فيها عبر السنين إلى بعض أحداث حياته حسبما يتفق له من أخبارها، تاركا فجوات لم يستطع معرفتها، خالصا إلى استنتاجات خاطئة أحيانا، وأحيانا تفتقر إلى الدقة العلمية، قاده إليها استقراؤه الناقص لأخباره، وقصوره في تحليلها، فكان مما وصل إليه أن الغموض يكتنف حياة أبي شامة في جميع مراحلها (١)، ومع غموضها عنده استنتج أنها في مجموعها كانت حياة سهلة مطمئنة، وأنه لم يعترضه من الصعوبات ما يعكر صفوها، أو يخرج بها عن هدوئها واستقرارها (٢).
ومن ثم اضطرب في تعيين السنوات التي أقام بها في المدارس التي درس بها أو درس بها، فكان من جملة ما قال: «من غير الممكن القطع بتاريخ انتقاله من المدرسة العزيزية التي كان مقيما بها حوالي سنة (٦١٥ هـ) إلى المدرسة العادلية التي ثبت استقراره بها سنة (٦٣٤ هـ)، ويبدو أن إقامة أبي شامة بهذه المدرسة الأخيرة بين سنتي (٦٣٤ - ٦٥٦ هـ) كانت متصلة لم يقطعها إلا مدة انصرافه إلى بساتينه (٣) الخاصة».
وهذه كلها أقوال مبتسرة، لا تقوم على منهج علمي يتهدى في جمع مادته من
(١) مقدمة د. محمد حلمي لنشرته ل «كتاب الروضتين»: ص ٦، ٧. (٢) المصدر السالف، ص ١١. (٣) المصدر السالف، ص ٧.