أستفتي الفقهاء. وكان عنده علاء الدين الكاساني الفقيه الحنفي، فأفتاه بجواز شربها. فيعقب أبو شامة بقوله:«يحتمل أنه ذكر له أن من العلماء من ذهب إلى جواز ذلك، لا أنه يرى ذلك، فإن مذهبه بخلافه، والله أعلم»(١).
* * *
وكان أحيانا ينقد الأخبار نقدا عيانيا إن صح التعبير، وذلك من خلال زيارة مكان الخبر ومعاينته، فحين يذكر ابن الأثير رباط وزير الموصل جمال الدين في المدينة المنورة، يقول:«وبينه وبين قبر النبي ﷺ خمسة عشر ذراعا … »، فيتعقبه أبو شامة بقوله:«كذا قال ابن الأثير، وقد رأيت المكان، ولعله أراد الحائط الشرقي من مسجد النبي ﷺ لا نفس القبر الشريف، زاده الله شرفا، وصلى على ساكنه»(٢).
* * *
وإذا ما أورد أبو شامة شعرا، فإنه يصحح نسبته إلى قائله، من ذلك ما ساقه ابن الأثير من أبيات في حادثة ضياع خاتم نور الدين في سنة (٥٦٠ هـ/ ١١٦٥ م) ناسبا إياها إلى بعض الشاميين، قائلا:«وأظنه أحمد بن منير من جملة قصيدة يمدحه بها، ويهنئه بهذه الغزاة، وعود الفص الياقوت».
فيتعقبه أبو شامة بقوله: «هذه الأبيات لابن منير بلا شك، ولكن في غير هذه الغزاة، فإن ابن منير قد سبق أنه توفي سنة (٥٤٨ هـ)، ثم يبين مناسبة قول هذه الأبيات على الصواب» (٣).
وحين يسوق العماد الكاتب أبياتا في ترجمة الجليس بن الجباب على أنها من شعره، يتعقبه أبو شامة بأن هذه الأبيات تمثل بها الجليس، وهي للشاعر صردر، وقد قرأها في ديوانه (٤).