للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سنة (١) (٦٣٨ هـ/ ١٢٤١ م) مفارقا الصالح إسماعيل بعد تنازله للصليبيين عن حصن شقيف أرنون وصفد (٢) كان دافعا قويا لمباشرة تأليف هذا الكتاب، إذ وجد أبو شامة نفسه في ذلك الوقت وحيدا، وقد خلت دمشق من شيخها الجليل، ولم يكن استياؤه وغضبه من الصالح إسماعيل يقل عن غضب صاحبه عز الدين (٣)، فباشر تأليف هذا الكتاب، لعله يكون سببا في فيئة سلاطين ذلك الزمان إلى رشدهم، وذلك بسيرهم على خطا نور الدين وصلاح الدين بعد أن تنكب بهم الطريق الكامل محمد ومن بعده الصالح إسماعيل، فإذا كانت صدمته بالكامل حين تنازل عن القدس للصليبيين قد جعلته يبدأ بتدوين التاريخ (٤)، فإن صدمته بالصالح إسماعيل حين تنازل عن شقيف أرنون وصفد جعلته يبدأ بتأليف هذا الكتاب. ولعل إيثاره الانكفاء على نفسه في المدرسة العادلية الكبرى - حيث كان يسكن (٥) - نائيا بنفسه عن متوليها الظالم قاضي قضاة دمشق رفيع الدين الجيلي (٦)، قد أوجد لديه وقتا رحيبا لتنفيذ مشروعه.

وبقي مكبا على تأليفه إلى سنة (٦٤٨ هـ/ ١٢٥١ م) مع ما تخلل ذلك من تأليفه كتبا أخرى في الفقه والقراءات، ويبدو أنه حين شارف على الانتهاء منه ألم به مرض أقعده عن إتمامه، وقد أشير إلى ذلك في القصيدة التي مدح بها بعد شفائه، وذلك ثامن ذي الحجة سنة (٦٤٨ هـ/ ١٢٥١ م) إذ قيل فيها:

فحاشا ندى التصنيف أن لا يثج من … غزير وحاشا الروضتين من المحل (٧)


(١) انظر ص ١١٦ من هذا الكتاب.
(٢) انظر ص ١١٤ من هذا الكتاب.
(٣) انظر ص ١١٥ من هذا الكتاب.
(٤) انظر ص ٣٥١ - ٣٥٢ من هذا الكتاب.
(٥) «كتاب الروضتين»: ٢/ ٢٦٤.
(٦) انظر ص ١١٥ من هذا الكتاب.
(٧) «المذيل»: ١/ ١٤٧.

<<  <   >  >>