للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعقد أبو شامة درسه الأول فيها، ويحضره قاضي القضاة ابن خلكان وأعيان البلد من المدرسين والمحدثين وغيرهم، ويفتتحه أبو شامة بخطبة كتابه «شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى» الذي شرح فيه حديث بعثته . فيتكلم على سنده ومتنه، ويأتي بزيادات عما في كتابه، فيشد إليه الحاضرين بغزارة علمه، وحسن إيراده، فكان درسا جليلا، ساده سكون وإخبات وجلالة، وإنصات من الحاضرين، ووقار من المستمعين كما وصفه أبو شامة من بعد (١).

وتهتز أريحة بعض الحاضرين من الأدباء، فيقوم عقب فراغ أبي شامة من إلقاء درسه، فيمدحه بأبيات، يقول فيها:

العلم والمعلوم قد أدركته … وسماعك البحر المحيط فحدث

وبعثت في دار الحديث بمعجز … وأبان عنه لك افتتاح المبعث

مكثت له الألباب طائعة الندا … والحس من طرب به لم يمكث

وتنتشي نفس أبي شامة بالامتنان لما يسمع، فيسجل هذه الأبيات في «مذيله» (٢). لقد شعر حقا أنه نال أخيرا بعض الوفاء الذي يستحقه، وها هو ذا يكرم بعد طول جحود، ولكن هل سيسكته المنصب الجديد عما يراه من ظلم وفساد؟

* * *


(١) «المذيل»: ٢/ ١٩٥ - ١٩٦.
(٢) «المذيل»: ٢/ ١٩٦.

<<  <   >  >>