بغداد، موطن آبائه وأجداده، ربما تخلصا من قربه منه في القاهرة، وهو الذي لا يحتمل سلطة فوق سلطته، وربما إيمانا منه بوجوب استعادة بغداد، حاضرة الخلافة العباسية، فراح يهيئ جيشا كبيرا يكون مع الخليفة عونا له في استعادتها، حتى إذا تم له ذلك خرج من القاهرة بعساكره، وبصحبته الخليفة، في يوم السبت (٦) شوال سنة (١)(٦٥٩ هـ/ ١٢٦١ م) وكان في موكبه نائب القاضي في القاهرة شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان (٢)، حتى إذا كان يوم الاثنين (٦) ذي القعدة سنة (٦٥٩ هـ/ ١٢٦١ م) وصل الظاهر بيبرس إلى الكسوة ظاهر دمشق، بعد نحو شهر من مسيره من القاهرة، فخرجت عساكر دمشق وأهلها إلى استقبال سلطانهم الجديد، وخليفتهم الجديد، وكان يوما مشهودا، ملأ الفرح فيه قلوبهم (٣).
وعلى وقع هذا الاستقبال الحافل دخل الظاهر دمشق، ونزل بقلعتها، ونزل الخليفة بالتربة السلطانية الناصرية بجبل قاسيون (٤).
فلما كان يوم الجمعة (١٠) ذي القعدة توجه الخليفة إلى جامع دمشق، فدخله من باب البريد، وجاء بعده الظاهر بيبرس داخلا من باب الزيادة، حيث جلسا في مقصورة الخطيب مستمعين لخطبة الجمعة، ومقيمين لصلاتها، فلما خرجا بعد الصلاة من الجامع تجمع الناس حولهما يدعون لهما بالنصر والإعانة على قمع الكفرة وأعداء الدين (٥).
(١) «السلوك»: ج ١/ ق ٢/ ٤٦٠. (٢) «ذيل مرآة الزمان»: ٢/ ١٢٤، «وفيات الأعيان»: ٧/ ٤٠، مقدمة د. إحسان عباس. (٣) «المذيل»: ٢/ ١٦٤، و «السلوك»: ج ١/ ق ٢/ ٤٦٠. (٤) «المذيل»: ٢/ ١٦٤. (٥) المصدر السالف.