لم تشعر دمشق بوطأة التتار عليها إلا بعد نحو شهر، حين أتى إليها في (١٧) ربيع الأول سنة (١)(٦٥٨ هـ/ ١٢٦٠ م) كتبغا نائب هولاكو، وبيدرا (٢)، ومعهما الأمراء والمقدمون، فلقيهم زين الدين الحافظي وكبراء البلد بأحسن ملقى (٣)، وقد جدد لدمشق عهد الأمان، وقرئ الفرمان المتضمن له في الميدان الأخضر (٤).
ووصلت عساكرهم - وكانوا في نحو عشرة آلاف فارس (٥) - من جهة الغوطة، مارين من وراء الضياع إلى جهة الكسوة، وأهلكوا في ممرهم جماعة من أهل قرية حزرما وغيرها، كانوا قد تجمعوا لقتالهم (٦).
وبادر زين الدين الحافظي إلى جمع الأموال من أهل دمشق، واشترى بها ثيابا قدمها لكتبغا وسائر الأمراء والمقدمين، وواصل حمل الضيافات إليهم كل يوم، إلى أن خرج كتبغا وبيدرا بعد أيام إلى مرج برغوث بداريا (٧)، حيث عسكرا هناك (٨).
وكان هولاكو قد كتب من حلب في (١٥) ربيع الأول سنة (٦٥٨ هـ/ ١٢٦٠ م) منشورا لنائب قاضي القضاة كمال الدين عمر بن بندار التفليسي يفوض إليه فيه قضاء القضاة بمدائن الشام والموصل وماردين وميافارقين، والأكراد وغيرها، ووصل هذا المنشور إلى دمشق في (٢٦) ربيع الأول، فقرئ بالميدان الأخضر، وقد تضمن كذلك تفويضه في جميع الأوقاف، وبخاصة وقف جامع دمشق (٩).