الناس (١)، فتفرقت العساكر، وبقي الناصر في طائفة من الأمراء (٢)، وقد قل العسكر، فانخرقت الحرمة، وزاد الطمع فيه (٣).
وبعد استيلاء هولاكو على حران، سار إلى سروج، فقتل أهلها عن آخرهم (٤)، وتقدم، فنصب جسرا على الفرات قريبا من ملطية، ونصب جسرا ثانيا عند قلعة الروم، ونصب جسرا ثالثا عند قرقيسيا، وعبرت عساكر التتار جميعها، وارتكبوا عند منبج مذبحة رهيبة، وتفرقت عساكرهم على المدن والقلاع، وتوجه هولاكو نحو حلب (٥).
ووردت الأخبار إلى دمشق بأن التتار قد قطعوا الفرات، وأغاروا على قرى حلب، فدب الخوف والهلع في قلوب الناس، وهرب كثير منهم هائمين على وجوههم في البراري والجبال والحصون، وبعضهم سار إلى مصر، وكان الوقت شتاء، والبرد قارسا، فمات كثير منهم في الطريق، ونهب آخرون (٦).
ولم يثبت في دمشق إلا من قوى الله قلبه وإيمانه، وكان أبو شامة واحدا من هؤلاء (٧)، وكانت زوجته ست العرب قد أشهرت في تلك الأيام العصيبة، فولدت في (١٨) محرم سنة (٦٥٨ هـ/ ١٢٦٠ م)، ولدا ذكرا، فسماه أبو شامة إسماعيل على اسم والده، وكناه أبا العرب، ووافق يوم مولده رابع كانون الثاني في شدة البرد (٨).
(١) «السلوك»: ج ١/ ق ٢/ ٤٢٠. (٢) المصدر السالف. (٣) «أخبار الأيوبيين»: ص ١٧١. (٤) «مختصر تاريخ الدول»: ص ٢٧٩. (٥) المصدر السالف. (٦) «المذيل»: ٢/ ١٣٨. (٧) المصدر السالف. (٨) «المذيل»: ٢/ ١٣٩.