الشرق (١)، وقد استصحب معه آلات الحصار وغيرها، وأجفل أهل السواد بين يديه إلى بغداد، ملتجئين إليها، حتى امتلأت بهم شوارعها، وضاقت على سعتها، فقعدوا في الطرقات والدكاكين، وغلت الأقوات، ووقع الناس في الخوف الشديد، والويل العظيم (٢).
ولما وجد الخليفة أن هولاكو قد قرب من بغداد بادر إلى الأمير الدويدار الصغير - وكان مقدما على عشرة آلاف فارس - يأمره بالخروج من بغداد بالعساكر ليتصدى له، فخرج (٣)، ونزل قريبا من بعقوبا (٤)، وأمر مرشدا الخصي أن يخرج في باقي العسكر إلى خانقين، غير أن الأمراء امتنعوا من المسير تحت لوائه، وربما كان امتناعهم تعبيرا عن استيائهم مما وصلت إليه حالتهم من سوء، إذ كان الخليفة قد أهمل حال الجند ومنعهم أرزاقهم، وأسقط أكثرهم من دساتير ديوان العرض، وآلت أحوالهم إلى سؤال الناس، وبذل ماء وجوههم في الأسواق والجوامع (٥).
لما بلغ الدويدار الصغير وصول سونجاق نوين وبايجو نوين إلى غربي دجلة، عبر دجلة، ونزل حيال حربى (٦)، وأرسل طليعة أحد أمرائه، وهو أيبك الحلبي ليتحسس له أخبار التتار، فوقع عليه التتار، فأخذوه أسيرا، وحملوه إلى هولاكو، فأمنه هولاكو، وطيب قلبه، فانحاز إليهم إبقاء على حياته، وصار يسير أمام جيش التتار