للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدويدار الصغير وأصحابه عارضوا الوزير في إشارته - وكان بينهما عداوة ـ وقالوا للخليفة: إن الوزير إنما يريد مصانعة هولاكو بما يبعثه إليه من الأموال، تدبيرا لنفسه، وهو يروم تسليمنا له، فلا تمكنه من ذلك. فأبطل الخليفة ما كان قد عزم عليه، واقتصر على إرسال شيء نزر من الهدايا (١).

فازداد هولاكو غضبا على غضب من هذه الهدية المحتقرة، وأرسل إلى الخليفة أن يبعث إليه بواحد من هؤلاء الثلاثة: إما الوزير، وإما الدويدار الصغير، وإما سلمان شاه (٢).

ولم يقدر الخليفة خطورة الموقف، فلم يبعث إليه بأي واحد منهم (٣)، ظنا منه أن هولاكو لن يقدم على محاربته، فهيبة الخلافة، وحرمتها في العالم الإسلامي تصده عن ذلك، ولئن غامر وهاجمه إن جيوش أمراء المسلمين في بلاد الشام ومصر ستهب للدفاع عنه، بل إن أسوار بغداد ستحميه، ولن ينازعه هولاكو في بغداد إن ترك له العراق كله، قائلا: بغداد تكفيني، حتى عامة المسلمين كانوا مطمئنين إلى أن الخلافة عصية على الهزيمة، وهي التي قصمت أعداءها على مر القرون (٤).

* * *

كان جيش هولاكو في زحفه يقترب من العراق، وقد أمر هولاكو سونجاق نوين أن يسير بقطعة من الجيش إلى إربل، ويجتمع ببايجو نوين القادم من بلاد الروم (٥)، ويقصدان بغداد من غربي دجلة (٦)، أما هو فتابع سيره نحوها من طريق حلوان من


(١) «تارخ مختصر الدول»: ص ٢٧٠.
(٢) المصدر السالف.
(٣) «البداية والنهاية» (حوادث سنة ٦٥٦ هـ)، «عقد الجمان» (حوادث ٦٤٨ - ٦٦٤): ص ١٧٢.
(٤) «محنة الإسلام الكبرى»، مصطفى طه بدر: ص ١٦٣، «تاريخ مختصر الدول»: ص ٢٧٠.
(٥) أخبار الأيوبيين: ص ١٦٦.
(٦) «تارخ مختصر الدول»: ص ٢٧٠.

<<  <   >  >>