وأمَّا قولُه في الحديث:"الخِتَانُ سنَّةٌ للرِّجالِ مَكْرُمَةٌ للنِّساءِ".
فهذا حديث يُرْوَى عنِ ابنِ عبَّاسٍ بإسنادٍ ضعيفٍ. والمحفوظُ أنَّه موقوفٌ عليه.
ويُرْوَى أيضًا عن الحجَّاج بن أرْطَاة ـ وهو ممن لا يُحتجُّ به ـ عن أبي المليح ابن أُسامةَ، عن أبيه، عنه. وعنه عن مَكْحُولٍ، عن أبي أيوب، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَهُ.
ذكر ذلك كلَّه البَيْهَقِيُّ، ثم ساق عن ابن عبَّاس: أنه لا تُؤكلُ ذبيحةُ الأقْلَفِ، ولا تُقْبَل صلاتُه، ولا تجوزُ شهادتُه.
ثم قال: وهذا يدلُّ على أنَّه كان يُوجِبُهُ، وأنَّ قولَه:"الختان سنة" أراد به سنَّةَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سنَّهُ وأَمَرَ به فيكونُ واجبًا. انتهى (١).
والسنَّةُ: هي الطريقة، يقال: سننت له كذا: أي شرعت. فقوله:"الختانُ سنَّة للرِّجَالِ" أي مشروعٌ لهم، لا أنه (٢) نَدْبٌ غيرُ واجبٍ.
فالسُّنَّةُ: هي الطريقةُ المتَّبَعَةُ وجوبًا واستحبابًا، لقوله- صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ رَغِبَ
(١) أي النقل من البيهقي. انظر: السنن: ٨/ ٣٢٥. (٢) في "أ": إلا أنه.