قال أبو داود في "السُّنن": وغيَّر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - اسمَ العاصِ، وعَزِيزٍ وعَتَلَةَ (٣) وشَيْطَانٍ، والحَكَمِ، وغُرَابٍ، وشِهَابٍ، فسمَّاه: هِشَامًا، وسَمَّى حَرْبًا: سِلْمًا، وسمَّى المُضْطَجِعَ: المُنْبَعِثَ، وأرْضَ عَفِرَةَ سمَّاها: خَضِرَةَ، وشِعْبَ الضَّلالةِ سمَّاهُ: شِعْبَ الهُدَى، وبَنُو الزِّنْيَةِ (٤) سمَّاهُمْ: بني الرّشْدَةِ (٥).
وهذا بابٌ عجيبٌ من أبواب الدِّينِ، وهو العُدُولُ عن الاسمِ الذي تستقبِحُهُ العُقُولُ وتَنْفِرُ منه النُّفوس إلى الاسم الذي هو أحسنُ منه، والنفوس إليه أَمْيَلُ. وكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - شديدَ الاعتناء بذلك حتى قال:"لايَقُلْ أحدُكُم: خَبُثَتْ نَفْسِي، ولكنْ لِيَقُلْ: لَقِسَتْ نَفْسِي"(٦).
(١) أخرجه مسلم في الآداب، باب استحباب تغيير الاسم القبيح إلى حسن: ٣/ ١٣٨٦ برقم (٢١٣٩). (٢) أخرجه أبو داود في الأدب، باب تغيير الاسم القبيح: ١٣/ ٣٥٣. والبخاري في الأدب المفرد، ص ٦٥، طبعة دار القلم. (٣) في (ب، ج): غفلة. (٤) في "ج": الريبة. (٥) أخرجه أبو داود في الأدب تعليقًا، باب تغيير الاسم القبيح: ١٣/ ٣٥٥. وقال: تركت أسانيدها للاختصار. وانظر: الأدب المفرد، ص (٦٥ - ٦٨)، سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني، رقم (٢٠٨ و ٢١٥). (٦) أخرجه البخاري في الأدب، باب لا يقل خبثت نفسي: ١٠/ ٥٦٣ ومسلم في الألفاظ من الأدب، باب كراهة قول الإنسان: خبثت نفسي: ٤/ ١٧٦٥. و"لقست نفسي" بمعنى خبثت أو غثّت أو فسدت، وقال ابن الأعرابي: معناه ضاقت. والخبث كثيرًا ما يستعمل في الكتب الإلهية بمعنى خبث الباطن وسوء السريرة، فهذه الكلمة بمنزلة الهيئات المنكرة، ولهذا أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى تركها. انظر: حجة الله البالغة للدِّهلوي: ٢/ ١١٨٠.