قالوا: وأمَّا حديث أبي بَرْزَةَ، فقال ابن المُنْذِر: حدّثنا يحيى بن محمَّد، حدّثنا أَحْمَد بن يونس، حدَّثَتْنَا أمُّ الأسود، عن منية، عن جَدِّها أَبي بَرْزَةَ ... فذكره (١).
قال: ابن المُنْذِر هذا إسنادٌ مجهولٌ لا يَثْبُتُ. (٢)
قالوا: وأمَّا استدلالُكُمْ بقَولِ ابنِ عبَّاسٍ: "الأقْلَفُ لا تُؤكَلُ ذَبيحتُه ولا تُقبَلُ له صلاةٌ" فقولُ صحابيٍّ تفرَّدَ به.
قال أَحْمَد: وكان يشدِّد فيه، وقد خالفَه الحَسَنُ البصريُّ وغيرُه.
وأمَّا قولُكم:"إنه من الشَّعائر". فصحيحٌ لا نزاعَ فيه، ولكنْ ليس كلُّ ما كان مِن الشعائرِ يكون واجبًا.
فالشعائرُ منقسمةٌ إلى واجبٍ: كالصلواتِ الخمسِ، والحجِّ، والصِّيامِ، والوُضُوءِ، وإلى مُسْتَحَبٍّ: كالتَّلبِيَةِ، وسَوْقِ الهَدْي وتَقْلِيدِه، وإلى مختلَفٍ فيه: كالأذانِ، والعيدينِ، والأُضحيةِ، والختَانِ.
فمن أين لكم أنَّ هذا مِنْ قِسْمِ الشَّعائرِ الواجبةِ؟
وأمَّا قولُكم:"إنه قطعٌ شُرِعَ لله لا تُؤمَن سِرَايَتُهُ، فكان واجبًا كقَطْعِ يَدِ السَّارقِ" فمِنْ أَبْرَدِ الأَقْيِسَةِ!
(١) انظر فيما سبق ص ٢٣٩. (٢) انظر: الإشراف على مذاهب أهل العلم لابن المنذر: ٣/ ٤٢٤.