قال: "هل تَدْرُون ما فوقكم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنَّها الرَّقِيعُ: سَقْفٌ محفوظٌ، ومَوْجٌ مَكْفُوفٌ"، وذكر الحديث.
فصل
ثُمَّ ذكر المُقْسَم عليه فقال: ﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩)﴾ [الذاريات: ٨، ٩]، فالقول المُخْتَلِف: أقوالُهم في القرآن، وفي النبيِّ ﷺ، وهو خَرْصٌ كلُّه. فإنَّهم لمَّا كذَّبوا بالحقِّ اختلفت مذاهبُهم، وآراؤهم، وطرائقُهم، وأقوالُهم. فإنَّ الحقَّ شيءٌ واحدٌ، وطريقٌ مستقيمٌ، فمن خالفه اختلفت به الطرق والمذاهب، كما قال تعالى: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥)﴾ [ق: ٥]، أي: مُخْتَلِطٍ مُلْتَبِسٍ.
وفي ضمن هذا الجواب: أنكم في أقوالٍ باطلةٍ متناقضةٍ، يكذِّبُ بعضُها بعضًا، بسبب تكذيبهم بالحقِّ.
ثُمَّ أخبر - سبحانه - أنَّه يَصْرِفُ بسبب ذلك "القول المُخْتَلِفِ" مَنْ صَرَفَ. فـ "عَنْ" هاهنا فيها طَرَفٌ من معنى: التَّسْبِيب، كقوله تعالى: ﴿وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ﴾ [هود: ٥٣]، أي: بسبب قولك (١).
وقوله: ﴿مَنْ أُفِكَ (٩)﴾؛ أي: من سَبَقَ في علم الله أنَّه يُضَلُّ ويُؤْفَكُ، كقوله: ﴿فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ
= "العظمة" رقم (٥٦٤).وسميت بذلك لأنَّها مرقَّعَةٌ بالنُّجُوم، وقيل غير ذلك.انظر: "النهاية" (٢/ ٢٥١)، و"لسان العرب" (٥/ ٢٨٥).(١) "أي: بسبب قولك" ملحق بهامش (ك).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute