ولمَّا علم أصحاب الإبل أنَّ أَخْفَافَها أَبْعَدُ شيءٍ من وَرْي النَّارِ؛ تأوَّلُوا الآيةَ على وجوهٍ بعيدة.
فقال محمد بن كعب القُرَظي:"هُمُ الحاجُّ إذا أوقدوا نيرانَهم ليلةَ المزدلفة"(٢).
وعلى هذا فيكون (٣) التقدير: فالجماعات المُورِيَات.
وهذا خلاف الظاهر؛ وإنَّما "المُورِيات" هي: العَادِيَات، وهي: المُغِيرات.
روى سعيد بن جبير، عن ابن عباس:"هم الذين يغيرون، فَيُورُون بالليل نيرانهم لطعامهم وحاجتهم"(٤). كأنَّه أخَذَهُ من قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١)﴾ [الواقعة: ٧١].
وهذا إن أُريد به التمثيل، وأنَّ الآية تدلُّ عليه = فصحيحٌ. وإن أُريد به اختصاص "الموريات" به فليس كذلك؛ لأنَّ "الموريات" هي
(١) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم (٦١٠، ٢٩٤٣)، ومسلم في "صحيحه" رقم (٣٨٢)؛ من حديث أنس ﵁. (٢) انظر: "معالم التنزيل" (٨/ ٥٠٨)، و"زاد المسير" (٨/ ٢٩٦). وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٦/ ٦٥٣) إلى: عبد بن حميد. (٣) أثبته من (ح) و (م). (٤) أخرجه: ابن جرير في "جامع البيان" (١٢/ ٦٦٨) رقم (٣٧٧٩٤)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ رقم ١٩٤٤٢). وعزاه السيوطي إلى: ابن الأنباري في "المصاحف"، والحاكم، وابن مردويه. "الدر المنثور" (٦/ ٦٥٢).