واختُلِفَ في عَسْعَسَةِ الليل، هل هي إقْبَالُهُ أم إدْبَارُهُ؟
فالأكثرون على أنَّ "عَسْعَسَ" بمعنى: ولَّى، وذَهَب، وأدبر (١). هذا قول: علي، وابن عباس وأصحابه (٢).
وقال الحسن:"أَقْبَلَ بظلامه"، وهو إحدى الروايتين عن مجاهد (٣).
فمن رجَّحَ الإقبال قال: أَقْسَمَ الله ﷾ بإقبال الليل، وإقبال النَّهار، فقوله ﷿: ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (١٨)﴾ [التكوير: ١٨] مقابِلٌ لـ "الليل إذا عَسْعَس".
قالوا: ولهذا أَقْسَمَ - تعالى - بالليل ﴿إِذَا يَغْشَى (١) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (٢)﴾ [الليل: ١ - ٢]، وبالضُّحَى.
قالوا: فَغَشَيَان الليل نظيرُ عَسْعَسَتِهِ، وتَجَلِّي النَّهار نظيرُ تنفُّس الصُّبْحِ، إذ هو مبدؤُه وأوَّله.
(١) قال الفَرَّاء: "اجتمع المفسرون علي أنَّ معنى "عَسْعَسَ": أدبر". "معاني القرآن" (٣/ ٢٤٢)، وفي حكاية الإجماع نظر! (٢) انظر: "جامع البيان" (١٢/ ٤٦٩)، و"الجامع" (١٩/ ٢٣٦)، و"تفسير ابن كثير" (٨/ ٣٣٧). (٣) انظر: "معالم التنزيل" (٨/ ٣٤٩)، و"المحرر الوجيز" (١٥/ ٣٤٠). ورجحه السمعاني في "تفسيره" (٦/ ١٦٩).