ومن ذلك إقسامُ الله ﷾ بالتِّين ﴿وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣)﴾ [التين: ١ - ٣]، فأَقْسَم - سبحانه - بهذه الأمكنة الثلاثة العظيمة التي هي مظاهر أنبيائه ورسله أصحابِ الشرائع العِظَام، والأُمَمِ الكثيرة.
فـ "التِّينُ" و"الزيتونُ": المراد به نفس الشجرتين المعروفتين، ومنبتهما، وهو أرض بيت المقدس، فإنَّها أكثر البقاع زيتونًا وتينًا.
وقد قال جماعة من المفسِّرين: إنَّه - سبحانه - أقسَمَ بهذين النَّوعَين من الثمار لمكان العبرة فيهما، فإنَّ "التِّينَ" فاكهةٌ مُخَلَّصةٌ من شوائب التنغيص، لا عَجَمَ (١) له، وهو على مقدار اللُّقْمَة، وهو: فاكهةٌ، وقوتٌ، وغذاءٌ، وأَدَمٌ. ويدخل في الأدوية، ومزاجه من أعدل الأمزجة، وطبعه طبع الحياة: الحرارة، والرطوبة. وشكله من أحسن الأشكال، ويدخل أكلُهُ والنظرُ إليه في باب "المفرِّحات"(٢). وله لَذةٌ يمتاز بها عن سائر الفواكه، ويزيد في القوَّة، ويوافق البَاءَةَ، وينفع من "البَوَاسِير"(٣)
(١) واحدته: عَجَمَة، وهي: نوى كلِّ شيءٍ كالزبيب والرمَّان والبَلَح. انظر: "لسان العرب" (٩/ ٧١). (٢) من (ح) و (م)، وفي باقي النسخ: المرخات. (٣) "البواسير": جمع باسُور، ويقال: باصور، لفظ أعجمي، يدل على علةٍ معروفة تحدث للمَقْعَدة، وقد يحدث في أيِّ موضع بالبدن يقبل الرطوبة؛ لأنه ورمٌ مؤْذٍ. انظر: "لسان العرب" (١/ ٤٠٦).