وفيه قولٌ ثالثٌ؛ وهو أنَّ خُنُوسَها وكُنُوسَها: اختفاؤُها (١) وقتَ مغيبها، فتغيب في مواضعها التي تغيب فيها (٢)، وهذا قول الزجَّاج (٣).
ولمَّا كان للنُّجُوم حال (٤) ظهورٍ، وحال (٥) اختفاءٍ، وحال جريانٍ، وحال غروبٍ - أقسَمَ - سبحانه - بها في أحوالها كلِّها، ونبَّه بخُنُوسِها على حال ظهورها؛ لأنَّ "الخُنُوس" هو الاختفاء بعد الظهور، ولا يقال لِمَا لم يزل مختفيًا: أنَّه قد خَنَس. فذكر - سبحانه - جريانَها وغروبَها صريحًا، وخنوسَها وظهورَها، واكتفى من ذِكْرِ طُلُوعِها بجريانها الذي مبدؤُهُ الطُّلُوع، فالطُّلُوع أوَّلُ جريانها.
فتضمَّنَ القَسَمُ: طُلُوعَها، وغروبَها، وظهورَها، واختفاءَها، وذلك من آياته ودلائل ربوبيته.
وليس قول من فسَّرَها بـ "الظِّبَاء"، و"بَقَر الوحش"(٦) بالظاهر؛ لوجوه:
أحدها: أنَّ هذه الأحوال في الكواكب السيَّارة أعظمُ آيةً وعبرةً.
(١) قبل كلمة (اختفاؤها) واو في (ن) و (ط)، وهي مقحمة. (٢) من قوله: "وهذا قول الفرَّاء. . ." إلى هنا؛ ساقط من (ز). (٣) "معاني القرآن" (٥/ ٢٩١). (٤) ساقط من (ز). (٥) ساقط من (ز) و (ن) و (ط). (٦) فسَّرها بـ "الظباء": ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والضحَّاك، وجابر بن زيد. وفسَّرها بـ "بقر الوحش": ابن مسعود، وجابر بن عبد الله، وإبراهيم النخعي. انظر: "جامع البيان" (١٢/ ٤٦٧)، و"الجامع" (١٩/ ٢٣٤)، و"تفسير ابن كثير" (٨/ ٣٣٧).