وأمَّا "النَّاشرات نشرًا"؛ فهو استئنافُ قَسَمٍ آخر، ولهذا أتى به بـ "الواو"، وما قبله معطوفٌ على القَسَم الأوَّل بـ "الفاء".
قال ابن مسعود، والحسن، ومجاهد، وقتادة: "هي الرِّياح تأتي بالمطر" (١).
ويدلُّ على صِحَّة قولهم قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ (٢) [الأعراف: ٥٧]؛ يعني أنَّها تنشُرُ السَّحَابَ نَشْرًا، وهو ضدُّ الطَّيِّ.
وقال مقاتل (٣): "هي الملائكةُ تنشر كتبَ بني آدم وصحائف أعمالهم"، وقاله: مسروق، وعطاء عن ابن عباس.
وقالت طائفةٌ: هي الملائكةُ تنشر أجنحَتَها في الجَوِّ عند صعودها ونزولها.
وقيل: تنشر أوامر الله في السماء والأرض.
وقيل: تنشر النُّفُوس، فَتُحْييها بالإيمان.
(١) وهو قول جمهور المفسرين "زاد المسير" (٨/ ١٥٤).واختاره: الفرَّاء في "معانيه" (٣/ ٢٢٢)، والزجَّاج في "معانيه" (٥/ ٢٦٥)، وابن كثير في "تفسيره" (٨/ ٢٩٧).(٢) قرأ ابن عامر: (نُشْرًا) بالنون مضمومة، وإسكان الشين.وقرأ حمزة، والكسائي، وخَلَف: (نَشْرًا) بالنون مفتوحة، وإسكان الشين.وقرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب: (نُشُرًا) بضم النون والشين، جمع: نَاشِر، كـ: نُزُل ونازل، وشُرُف وشارف.انظر: "التيسير" للداني (١١٠)، و"الإتحاف" (٢/ ٥٢)، و"الحُجَّة" (١٥٧).(٣) في "تفسيره" (٣/ ٤٣٥): "هي أعمال بني آدم تُنشر يوم القيامة".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute