ويؤيِّده أنَّ "الرِّياح" موكَّلٌ بها ملائكةٌ (٢) تسوقها وتُصَرِّفُها.
ويؤيِّد كونها "الرِّياح" عطف "العَاصِفات" عليها بـ "فاء" التعقيب والتسبيب، فكأنَّها أُرسِلت، فَعَصَفَتْ.
ومن جعل "المرسلات": الملائكة قال: هي تعصف في مُضِيِّها مُسرِعَةً كما تعصف "الرِّياح".
والأكثرون على أنَّها "الرِّياح".
وفيها قولٌ ثالثٌ: أنَّها تعصف بروح الكافر، يقال: عَصَفَ بالشيء؛ إذا أَبَادَهُ وأَهْلَكَهُ، قال الأعشى (٣):
* تَعْصِفُ بالدَّارِعِ والحَاسِرِ *
حكاه أبو إسحاق (٤).
وهو قولٌ متكلِّفٌ، فإنَّ المقسَم به لا بدَّ أن يكون آيةً ظاهرةً تدلُّ على الربوبية، وأمَّا الأمور الغائبة التي يُؤْمَنُ بها فإنَّما يُقْسَمُ عليها. وإنَّما يُقْسِمُ - سبحانه - بملائكته، وكتابه؛ لظهور شأنهما، ولقيام الأدلَّة والأعلام الظاهرة الدالَّة على ثبوتهما (٥).
(١) وهو اختيار أبي عبيدة في "مجاز القرآن" (٢/ ٢٨١). واختار ابن جرير عموم المرسَل أيًّا كان. "جامع البيان" (١٢/ ٣٧٨). (٢) في (ز): الملائكة. (٣) "ديوانه" (١٨٥)، وصدره: يَجْمَعُ خضراءَ لها سَوْرَةٌ … الدَّارع: من لَبِس الدِّرْع. والحاسر: العريُّ عنه. (٤) هو الزجَّاج، انظر: "معاني القرآن" (٥/ ٢٦٥). (٥) في (ز): ثبوتها.