وعلى هذا فَسُمِّيَ القرآنُ "نَجْمًا"؛ لتفرُّقِهِ في النزول، والعرب تُسمِّي التفرُّقَ: تَنَجُّمًا، والمفرَّقَ: مُنَجَّمًا. ونُجُوم الكتابَةِ: أَقْسَاطُها، وتقول: جعلتُ مالي على فلانٍ نجومًا منجَّمَةً كلَّ نجمٍ كذا وكذا.
وأصل هذا أنَّ العرب كانت تجعل مطالعَ منازل القمر ومساقطَها مواقيتَ لِحُلُول دُيُونها وآجالها، فيقولون: إذا طلع النَّجمُ - يريدون (٢)"الثُّرَيَّا" - حَلَّ عليك الدَّينُ. ومنه قول زهير (٣) في ديةٍ جُعِلَت نجومًا على العاقلة:
يُنَجِّمُها قَومٌ لِقَومٍ غَرَامَةً … ولم يُهَرِيقُوا بَينَهُمْ مِلْءَ مِحْجَمِ
ثُمَّ جُعِلَ كلُّ تنجُّمٍ (٤) تفريقًا؛ وإن لم يكن موقَّتًا بطلوع نجم.
وقوله تعالى: ﴿هَوَى (١)﴾ - على هذا القول - أي: نَزَلَ من عُلُوٍّ إلى سُفْلٍ.
قال أبو زيد (٥): "هَوَتِ العُقَابُ تَهْوِي هَوِيًّا - بفتح الهاء -: إذا
= والله أعلم. انظر: شرح النووي على "صحيح مسلم" (١٥/ ٩٩ - ١٠٠)، و"الفتح" (٧/ ٧٥٧ - ٧٥٨). (١) انظر: "معاني القرآن" (٣/ ٩٤). (٢) "يريدون" ملحق بهامش (ك). (٣) "ديوان زهير بن أبي سُلْمى" (٨٠). (٤) في (ك): تنجُّم كل. (٥) هو سعيد بن أوس بن ثابت، أبو زيد الأنصاري، إمام النحو والعربية، ثقةٌ ثبتٌ، من أهل البصرة، كان كثير السماع من العرب، وفي كتبه عنهم ما ليس =