وفي الآية قولٌ آخر، وهو أنَّ المعنى: بل يريد الإنسان ليكذِّب بما أمامه من البعثِ ويوم القيامة. وهذا قول ابن زيد (٢)، واختيار: ابن قتيبة (٣)، وأبى إسحاق (٤).
قال هؤلاء: ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (٦)﴾ [القيامة: ٦].
ويرجِّح هذا القول لفظةُ "بَلْ"؛ فإنَّها تعطي أنَّ الإنسانَ لم يؤمن بيوم القيامة مع هذا البيان والحُجَّة، بل هو مريدٌ للتكذيب به.
ويرجِّحُه - أيضًا - أنَّ السياق كلَّه في ذَمِّ المكذِّب بيوم القيامة لا في ذَمِّ العاصي والفاجر.
وأيضًا؛ فإنَّ ما قبل الآية وما بعدها يدلُّ على المراد؛ فإنَّه - تعالى - قال: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (٣) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (٤)﴾، فأنكر - سبحانه - عليه حُسْبَانَهُ أنَّ الله لا يجمع عظامه، ثُمَّ قرَّرَ قدرته على ذلك، ثُمَّ أنكر عليه إرادته التكذيبَ بيوم القيامة.
فالأوَّل (٥): حُسْبَانٌ منه أنَّ الله لا يُحْييه بعد موته.
(١) انظر: "الزهد" لوكيع (٢/ ٥٢٧)، و"جامع البيان" (١٢/ ٣٣٠)، و"الدر المنثور" (٦/ ٤٦٥). (٢) أخرجه: ابن جرير في "تفسيره" (١٢/ ٣٣٠). (٣) في "تأويل مشكل القرآن" (٣٤٧). (٤) في "معاني القرآن" (٥/ ٢٥٢). (٥) ساقط من (ز) و (ن) و (ك) و (ط)، وأثبته من (ح) و (م).