والمجاري مُتَّصلةٌ بينهما، فإذا تعطَّلت أوعية "المَنِيِّ" ويَبِسَتْ تعطَّل شَعْر "اللِّحْيَة"، وإذا قَلَّت الرُّطُوبة والحرارة هناك قَلَّ شَعْرُ "اللِّحْيَة"؛ ولهذا فإنَّ الخِصْيَان (١) لا ينبت لهم "لحَىً"(٢).
فإن قيل: فما العِلَّةُ في "الكَوْسَج"(٣)؟
قيل: بَرْدُ مِزَاجِهِ، ونُقصَانُ حَرَارته.
فإن قيل: فما السبب في "الصَّلَع"(٤)؟
قيل: عدم احتباس الأَبْخِرَة في موضع الصَّلَع.
فإن قيل: فَلِمَ كان في مُقَدَّم "الرأس" دون جوانبه ومُؤَخَّرِهِ؟
قيل: لأنَّ الجُزْءَ المقدَّمَ من "الرأس" بسبب رُطُوبة "الدِّمَاغ" يكون أكثر لِينًا وتحلُّلًا، فتَتَحَلَّلُ الفَضَلَاتُ التي يكون منها "الشَّعْر"(٥)، فلا يبقى "للشَّعْر" مادَّةٌ هناك.
فإن قيل: فَلِم لَمْ يحدث في "الأصْدَاغ"(٦)؟
(١) "الخِصْيَان": جمع خَصِيّ، يقال: خَصَيْتُ الفَحْل أَخْصِيه خِصَاءَ؛ إذا سَلَلْتَ خُصْيَيْهِ. "مختار الصحاح" (١٩٧). (٢) في (ز): لا تنبت لها اللحى. (٣) "الكَوْسَج": فارسيٌّ معرَّبٌ، وهو "الثَّطُّ" الذي عَرِيَ وجهه من الشَّعْر إلا طاقاتٍ في حَنَكِهِ. "خلق الإنسان" للسيوطي (٢٣٦). (٤) "الصَّلَع": انحسار الشَّعْر من مقدَّم الرأس إلى اليَافُوخ، ويقال: رجلٌ أَصْلَع. انظر: "مختار الصحاح" (٣٩١)، و"خلق الإنسان" للسيوطي (١٨٨). (٥) في (ز) و (ك) و (ط): الشعور. (٦) "الأَصْدَاغ": جمع صُدْغ، وهو ما بين العين والأذن، وكذلك الشَّعْر المتدلي عليها يسمَّى: صُدْغًا. "مختار الصحاح" (٣٨٢).