ثُمَّ ذكر الطبقة الثانية، وهي طبقة أصحاب اليمين. ولمَّا كانوا دون المقرَّبين في المرتبة جعلَ تحيَّتَهم عند القُدُوم عليه السلامةَ من الآفات والشرور التي تحصل للمكذِّبين الضَّالِّين فقال تعالى: ﴿وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١)﴾ [الواقعة: ٩٠، ٩١].
و"السَّلَام": مصدر من سَلِمَ، أي: فَلَكَ السلامةُ. والخطاب له نفسه، أي يُقَالُ له (١): لَكَ السلامة، كما يقال للقادم: لَكَ الهَنَاءُ، ولَكَ السَّلَامةُ (٢)، ولَكَ البُشْرَى، ونحوَ ذلك من الألفاظ. كما يقولون: خير مَقْدَمٍ، ونحوَ ذلك، فهذه تحيَّتُه عند اللقاء.
قال مقاتل:"يُسَلِّمُ اللهُ لهم (٣) أمرَهم، بِتَجَاوزِه عن سيئاتهم، وتقَبُّلهِ حسناتهم"(٤).
وقال الكلبي:"يُسَلِّمُ عَليه أهلُ الجنَّة، ويقولون: السلامةُ لَكَ"(٥).
وعلى هذا فقوله: ﴿مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١)﴾، أي: هذه التحيَّة حاصلةٌ لك من إخوانك أصحاب اليمين، فإنَّه إذا قَدِمَ عليهم حَيَّوْهُ بهذه التحيَّة، وقالوا: السلامةُ لك.
(١) ساقط من (ز) و (ن) و (ط). (٢) من قوله: "والخطاب له نفسه. . . ." إلى هنا؛ ملحق بهامش (ن). (٣) ساقط من (ك). (٤) "تفسيره" (٣/ ٣١٩). (٥) وهو اختيار ابن جرير في "تفسيره" (١١/ ٦٦٧)، والزمخشري في "الكشاف" (٤/ ٤٦٩)