وهذا هو "السُّنَّةُ" بلا شك، وقد قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [النساء: ١١٣]؛ وهما القرآن والسُّنَّة. وبالله التوفيق.
فصل
ثُمَّ أخبر - تعالى - عن وَصْفِ من علَّمَهُ الوحيَ والقرآنَ، بما يُعْلَم أنَّه مضَادٌّ لأوصاف الشيطان مُعَلِّم الضَّلَال والغواية، فقال: ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥)﴾، وهذا نظير قوله تعالى: ﴿ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ﴾ [التكوير: ٢٠]، وذكرنا هناك السِّرَّ في وصفه بالقوَّةِ (١) ..
وقوله تعالى: ﴿ذُو مِرَّةٍ﴾ أي: جميلُ المَنْظَر، حَسَنُ الصورة، ذو جلالةٍ، ليس شيطانًا - أقبَحَ خلق الله، وأشوهَهم صورةً - بل هو من أجمل الخلق، وأقواهم، وأعظمِهم أمانةً ومكانةً عند الله ﷿.
وهذا تعديلٌ لِسَنَدِ الوحي والنُّبوَّة، وتزكيةٌ له كما تقدَّمَ نظيرُهُ في "سورة التكوير"(٢).
فوَصَفَهُ بالعلم، والقوَّةِ، وجمالِ المَنْظَرِ، وجلالته. وهذه كانت أوصاف الرسول البَشَرِيِّ والمَلَكِيِّ؛ فكان رسولُ الله ﷺ أشجعَ النَّاس، وأعلمَهم، وأجمَلهم، وأَجَلَّهم.
والشياطين وتلامذتهم بالضِّدِّ من ذلك كلِّه، فهم أقبح الخلق
= وفي "مسند الشاميين" رقم (١٨٨١)، والدارقطني في "سننه" رقم (٤٧٦٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٩/ ٣٣٣)، بلفظ: "إنِّي أُوتيتُ الكتابَ وما يَعْدِلُه". (١) راجع (ص/ ١٩٣ - ١٩٤). (٢) راجع (ص/ ١٩٢ - ١٩٥).