ومن ذلك قوله ﷿: ﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١)﴾ [الصافات: ١].
أقسم - سبحانه - بملائكته الصَّافَّات للعبوديَّة بين يديه، كما قال النبيُّ ﷺ لأصحابه:"ألا تَصُفُّونَ كما تَصُفُّ الملائكةُ عند رَبِّها؟ يُتِمُّون الأوَّلَ فالأوَّل، ويَتَراصُّونَ في الصفِّ"(١)، وكما قالوا عن أنفسهم: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥)﴾ [الصافات: ١٦٥].
والملائكة "الصَّافَّات": [التي تَصُفُّ](٢) أجنحَتَها في الهواء. و"الزَّاجِرَاتُ": الملائكة التي تزجُرُ السَّحَاب وغيرَه بأمر الله، فـ "التاليات": التي تتلو كلام الله.
وقيل:"الصَّافَّات" الطير، كما قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ﴾ [الملك: ١٩]، وقال تعالى: ﴿وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ﴾ [النور: ٤١]، و"الزَّاجِرَات": الآيات والكلمات الزاجرات عن معاصي الله، و"التاليات": الجماعات (٣) التاليات (٤) كتابَ الله ﷿.
وقيل:"الصَّافَّات" للقتال في سبيل الله، فـ "الزَّاجِرات" الخيلَ للحمل على أعدائه، فـ "التاليات" الذاكرين له عند مُلَاقَاةِ عدوِّهم.
(١) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (٤٣٠)، من حديث جابر بن سمرة ﵁، وفيه: "يُتمُّونَ الصفوف الأُوَل". (٢) زيادة مهمة لفهم الكلام، وانظر: "تفسير البغوي" (٧/ ٣٣). (٣) في جميع النسخ: الجامعات! وصححت في هامش (ك). (٤) ساقط من (ز) و (ح) و (م).