ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (٤) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (٨)﴾ [الطور: ١ - ٨]؛ تضمَّنَ هذا القَسَمُ خمسةَ أشياء، وهي مظاهر آياته، وقدرته، وحكمته الدالَّة على ربوبيته ووحدانيته.
فـ "الطُّور": هو الجبل الذي كلَّم اللهُ عليه نبيَّهُ وكليمَهُ موسى بن عِمْران، عند جمهور المفسِّرين من السَّلف والخَلَف.
وعرَّفَهُ هاهنا بـ "اللَّام"، وعرَّفَهُ في موضعٍ آخر بالإضافة؛ فقال تعالى: ﴿وَطُورِ سِينِينَ (٢)﴾ [التين: ٢].
وهذا الجبل مَظْهَر بركة الدنيا والآخرة، وهو الجبل الذي اختاره الله لتكليم موسى عليه.
قال عبد الله بن أحمد في كتاب "الزُّهْد" لأبيه:
حدثني محمد بن عُبيد بن حِسَاب (١)، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا أبو عِمْران الجَوْنيُّ، عن نَوْف البِكَاليِّ قال:"أَوْحَى اللهُ ﷿ إلى الجبال: إنّي نازِلٌ على جبلٍ منكم. قال: فشَمَخَت الجبالُ كلُّها إلَّا جبل الطُّور، فإنَّه تواضع، وقال: أرضَى بما قَسَمَ اللهُ لي، فكان الأمرُ عليه"(٢).
(١) تصحفت في جميع النسخ إلى: حبان، والتصحيح من كتب الرجال. (٢) أخرجه: عبد الله بن أحمد في زوائد "الزهد" رقم (٣٤٣)، وفي "السُّنَّة" (٢/ ٤٦٩)؛ ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (٦/ ٤٩)، وعبد الرزاق في =