ومن ذلك إقسامُهُ - سبحانه - بـ "العَصْر" على حال الإنسان في الآخرة، وهذه السورة على غاية اختصارها لها شأنٌ عظيمٌ، حتَّى قال الشافعيُّ ﵀:"لو فكَّرَ النَّاسُ كلُّهم فيها لَكَفَتْهُم"(١).
و"العَصْر" المُقْسَمُ به:
قيل: هو الوقت الذي يلي المغرب من النَّهار (٢).
وقيل: هو آخر ساعةٍ من (٣) ساعاته.
وقيل: المراد صلاة العَصْر (٤).
وأكثر المفسِّرين على أنَّه الدَّهْر (٥)، وهذا هو الراجح.
وتسميةُ "الدَّهْرِ" عَصْرًا أمرٌ معروفٌ في لغتهم، قال:
ولن يَلْبَثَ (٦) العَصْرَانِ: يومٌ وليلةٌ … إذا طَلَبَا أَنْ يُدْرِكَا ما تَيَمَّمَا (٧)
(١) انظر: "تفسير ابن كثير" (٨/ ٤٧٩). (٢) قال به: ابن عباس، وقتادة، وزيد بن أسلم، والحسن. انظر: "الجامع" (٢٠/ ١٧٩)، و"الدر المنثور" (٦/ ٦٦٧). (٣) "ساعةٍ من" ساقط من (ز). والأثر مشهورٌ من قول قتادة، أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢/ ٣٩٤). (٤) وهو قول مقاتل بن سليمان في "تفسيره" (٣/ ٥١٦). (٥) قال ابن جرير الطبري ﵀ في "جامع البيان" (١٢/ ٦٨٤): "والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنَّ ربَّنا أقسمَ بالعَصْر، والعَصْر: اسمٌ للدهر، وهو العَشِيُّ، والليل والنهار، ولم يخصِّص مما شمله هذا الاسم معنىً دون معنىً، فكل ما لزمه هذا الاسم، فداخلٌ فيما أقسم الله به - جلَّ ثناؤه -". (٦) في (ك): نبرح، وفي (ن): يبرح، وصححه الناسخ في الهامش. (٧) البيت لحُمَيد بن ثَور الهلالي "ديوانه" (٨).