ولكن صلة الموصول لا تكون إِلَّا جملة، فالمحذوف هنا:(استقر)، لا (كائن، ولَا مستقر).
وليس (مُسْتَقِرًّا) هو الكون العام فِي قوله تعالَى: {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ}؛ إِذ لو كَانَ كذلك .. لقيل: فلما رآه عنده، فلفظ (مستقرًا) هنا: معناها: ثابت غير متقلقل.
=بكون عام، وأن يكون هذا الكون العام واجب الحذف، كما قرره الشّارح العلامة؛ فإِن كَانَ متعلقهما كونًا خاصًا .. وجب ذكره، إِلا أن تقوم قرينة تدل عليه إِذا حذف؛ فإِن قامت هذه القرينة جاز ذكره وحذفه. وذهب ابن جني: إِلى أنه يجوز ذكر هذا الكون العام لكون الذكر أصلًا، وعلى هذا يكون ذكره في هذا البيت ونحوه ليس شاذًا، كذلك قالوا. والذي يتجه للعبد الضّعيف -عفا الله تعالى عنهُ- وذكره كثير من أكابر العلماء: أن (كائنا)، و (استقر) قد يراد بهما مجرد الحصول والوجود، فيكون كل منهما كونًا عامًا واجب الحذف. وقد يراد بهما حصول مخصوص كالثبات وعدم قبول التحول والانتقال ونحو ذلك، فيكون كل منهما كونًا خاصًا، وحينئذ يجوز ذكره، و (ثابت) و (ثبت) بهذه المنزلة؛ فقد يراد بهما الوجود المطلق الذي هو ضد الانتقال فيكونان عامين، وقد يراد بهما القرار وعدم قابلية الحركة مثلًا، وحينئذ يكونان خاصين، وبهذا يرد على ابن جني ما ذهب إِليه، وبهذا -أيضًا- يتجه ذكر (كائن) في هذا البيت، وذكر (مستقر) في نحو: قوله تعالى: {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ}؛ لأن المعنى: أنه لما رآه ثابتًا كما لو كَانَ موضعه بين يديه من أول الأمر. انتهى كلام الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه اللَّه.